مها عبد القادر

يوم المرأة العالمي.. نجاحات وتطلعات

السبت، 08 مارس 2025 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المرأة هي زهرة الحياة، تنثر عبير العطاء أينما حلّت، والوطن حين تضيق الأوطان، والسكن حين تشتد الأزمان، والنور الذي يبدد الظلام، هي نهر الحنان ينبع من صمتها حكمة وفي كلماتها نور، وفي قلبها رحمة، تتجلى القوة في رقتها، ويتجسد الصبر في ألمها، وتشرق عزيمتها رغم المحن، هي الشمس التي تمنح الدفء للعالم، والقمر الذي يضيء الدروب، واللؤلؤة التي لا يزيدها الزمن إلا بريقًا، تحية لكل امرأة تُضيء الحياة بحضورها، وتُزهر الأيام بابتسامتها، وتخطّ بعزيمتها أروع فصول العطاء والإلهام.
يحتفل العالم في الثامن من مارس كل عام بيوم المرأة العالمي، ذلك اليوم الذي يُجسد تقديرًا عالميًا لدور المرأة في بناء المجتمعات ونهضتها، ويمثل علامة فارقة في مسيرة النضال من أجل المساواة والعدالة، إنه يوم تتجلى فيه معاني التقدير والاحترام للمرأة، باعتبارها نصف المجتمع ومسؤولة عن النصف الأخر، والمحرّك الأساسي لتقدمه، والركيزة التي يُبنى عليها مستقبل الأجيال، إنه ليس مجرد احتفاء رمزي، بل مناسبة لتسليط الضوء على إنجازات المرأة، وإبراز جهودها في شتى الميادين، والتأكيد على أهمية دعمها وتمكينها لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار.
ونؤكد أن المرأة لم تكن يومًا عنصرًا هامشيًا في المجتمعات، بل كانت ولا تزال قوة دافعة خلف كل إنجاز وتحول تاريخي؛ فمنذ فجر التاريخ أسهمت المرأة في مختلف المجالات بدءًا من الأسرة، حيث تحملت مسؤولية التربية وبناء الأجيال، مرورًا بميادين العلم والعمل، حيث أبدعت في شتى التخصصات، وأثبتت جدارتها في القيادة والإدارة والإبداع، لقد كانت المرأة عبر العصور رمزًا للصمود والتضحية، وسجل التاريخ أسماء نساء رائدات قدمن للبشرية إنجازات خالدة لا تُحصى، فكنّ أيقونات للإصرار والعزيمة وتركن بصمات لا تُمحى في العلوم، والسياسة، والفنون، والاقتصاد، وسائر مجالات الحياة.
لا يمكن الحديث عن التقدم والازدهار دون تسليط الضوء على الدور المحوري الذي تؤديه المرأة في بناء الأمم ورسم ملامح الحضارات؛ فهي ليست مجرد عنصر مكمل، بل ركيزة أساسية في نهضة المجتمعات، إذ تمتد مساهماتها إلى جميع جوانب الحياة، فهي الأم التي تزرع القيم والمبادئ في الأجيال الناشئة، والمعلمة التي تنير دروب العلم والمعرفة، والطبيبة التي تعالج وتداوي، والمهندسة التي تُبدع في التصميم والبناء، والقائدة التي تصوغ القرارات وترسم السياسات، والعالمة التي تدفع حدود الاكتشافات والابتكارات، والريادية التي تُحدث تحولات اقتصادية عميقة.
إن المرأة، بإرادتها القوية وطموحها اللامحدود، كانت ولا تزال قوة دافعة نحو التغيير الإيجابي، فقد أثبتت عبر العصور أن نجاح المجتمعات لا يتحقق إلا بمشاركتها الفاعلة في جميع الميادين، ومن أبرز التحولات التي شهدها العصر الحديث هو تنامي الوعي العالمي بأهمية تمكين المرأة، ليس فقط لتحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن أيضًا لتحقيق التنمية المستدامة وبناء مستقبل أكثر إشراقًا، ومع تزايد فرص التعليم والعمل، تمكنت النساء من فرض وجودهن في مجالات لطالما كانت حكرًا على الرجال، وأصبحن رائدات في العلم والهندسة، ورئيسات دول، ووزيرات، وسيدات أعمال ناجحات، وأعلامًا ملهمة في مختلف القطاعات؛ محطمة بذلك كل الحواجز التقليدية التي حاولت أن تحدّ من طموحها.


وعلى الرغم من الإنجازات العظيمة التي حققتها المرأة عالميًا، إلا أن مسيرتها نحو التمكين الكامل لا تزال محفوفة بالتحديات، فلا تزال هناك فجوات في الحقوق والفرص ببعض المجتمعات، حيث تعاني المرأة من بعض مظاهر التمييز والعنف والتهميش وعدم المساواة سواء في مجالات العمل أو الحقوق الاجتماعية والسياسية، فضلًا عن استمرار بعض الممارسات التي تعيق تطلعاتها نحو حياة عادلة وآمنة؛ لذا فإن يوم المرأة العالمي لا يُعد مجرد مناسبة، بل هو دعوة متجددة لتجديد الالتزام بالسعي نحو تحقيق المساواة العدالة، وفرصة لإلقاء الضوء على قضايا المرأة وحقوقها، ومطالبة العالم ببيئة آمنة وعادلة توفر لها الحماية والتمكين، بحيث تستطيع أن تمارس دورها بحرية وكرامة، دون أي قيود تحد من إبداعها أو تحديات تُعيق تقدمها، ومنحها الفرصة الكاملة لتكون شريكًا حقيقيًا في صناعة المستقبل.


كما أن تمكين المرأة لا يعني فقط إفساح المجال أمامها للمشاركة، بل يتطلب تفكيك وإزالة الحواجز الثقافية والاجتماعية التي تعترض طريقها وتحول دون تحقيقها لأقصى إمكاناتها، فبقدر ما تحتاج المجتمعات إلى قوانين عادلة تُنصفها، فهي بحاجة أكبر إلى ثقافة مجتمعية داعمة تؤمن بها، وتشجعها على تحقيق ذاتها ومساهمتها في النهضة الشاملة، فالمرأة عندما تُمنح الفرصة لإثبات ذاتها لا تحقق نجاحها الشخصي فحسب، بل تساهم بشكل مباشر في ازدهار المجتمع بأسره، وتحدث تأثيرًا يمتد أثره لمستقبل يحمل آفاقًا واسعة لمزيد من الإنجازات، حيث تكون المرأة ركيزة أساسية في بناء مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا، يزدهر فيه الجميع، رجالًا ونساءً، جنبًا إلى جنب.


إن الاحتفاء بيوم المرأة العالمي يجب أن يكون أكثر من مجرد تكريم، بل خطوة حقيقية نحو واقع تسوده المساواة مستقبل أكثر إنصافًا، وتُزال كافة الحواجز التي تعترض طريقها نحو النجاح؛ فالمرأة ليست عنصرًا مساعدًا، ودعمها وتمكينها ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لبناء مجتمع قوي ومتوازن.


وفي يوم المرأة العالمي، نقف احترامًا لكل امرأة واجهت التحديات بثبات، وتجاوزت العقبات بإصرار وعزم لا يلين، وحققت النجاح رغم الصعوبات، مؤمنة بقدراتها ومكانتها، إن المرأة صانعة المجد، ومصدر الإلهام، ونبض الإنسانية فلكل أمٍّ ضحّت، ولكل معلمةٍ أنارت العقول، ولكل عاملةٍ اجتهدت، ولكل قائدةٍ سارت في درب الريادة، تحية تقدير وإجلال، فما تقدمه المرأة لا يُقدَّر بثمن، فكل إنجاز حققته المرأة هو إنجاز للمجتمع بأسره، وفي هذا اليوم العظيم، نجدد العهد على دعم المرأة، وتعزيز دورها، وتوفير كل السبل التي تمكّنها من أداء رسالتها العظيمة في بناء الأوطان وتحقيق الازدهار.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة