زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للأكاديمية العسكرية، وكلماته للطلاب، كلمات موجزة ومكثفة، وتحمل رسائل مهمة، لأنها تأتى فى توقيت شديد الدقة، يواجه فيه الإقليم والعالم تحولات وصراعات وتفاعلات كبرى، هى فى الواقع لم تتوقف طوال 14 عاما، وقد تكون أحداثا جرت فى السابق تظهر نتائجها الآن، ويحرص الرئيس على شرح وتوضيح التطورات بالمنطقة، ضمن حالة تواصل مع الشعب، إيمانا باحترامه لوعى المصريين وصمودهم فى التحديات والأحداث الكبرى، وقدراتهم على الفرز والتفهم، فى ظل حروب تستهدف الوعى وتزيف الواقع.
فى كلمات موجزة حرص الرئيس على تقديم رسائل أولها وأهمها للداخل، للمصريين، وهم الأهم، والذين دائما ما يحرص الرئيس على القول عن المخاوف لا تأتى من التحديات والخارج، فنحن قادرون عليها، والأهم هو وحدة المصريين ووعيهم، أولى الرسائل «بأطمنكم الحمد لله الأمور بخير.. اطّمنوا على بلدكم»، وهذه العبارة تعنى الكثير، تطمئن على الداخل وأيضا على مواقف وقدرات مصر الدولة والمؤسسات، بالطبع استعرض الرئيس ما بذلته مصر وتبذله فى مواجهة الحرب على غزة، ومواجهة مخططات التهجير، ومخططات فرض حلول قسرية على الفلسطينيين، بجانب ما تواجهه الدولة المصرية ومؤسساتها من تحديات أخرى، تواجهه بالتمسك بثوابت الأمن القومى المصرى والتوازن الاستراتيجى فى المنطقة.
استعرض الرئيس ما جرى خلال الفترة الأخيرة، من القمة العربية وجهود مصر على مدى أكثر من 15 شهرا فى مواجهة الحرب التى استمرت على غزة، ومواجهة التهجير والتصفية، وخطورة التحديات إقليميا ودوليا، وحرص مصر وقدرتها على اتخاذ مواقف حاسمة لصالح القضية سواء كانت المواقف تتفق أو تختلف مع القوى الدولية وبما يضمن مصالح الدولية المصرية والقضية الفلسطينية، وبالرغم من العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، رفضت مصر بحسم مخططات التهجير، وأكد الرئيس فى كلمته، أن مصر أول من يحرص على السلام، بشرط أن يكون سلاما قائما على العدل والحق.
رسائل الرئيس واضحة، تأتى فى وقت يشهد فيه الإقليم حاليا - نتاج تفاعلات السنوات الماضية، فى سوريا وليبيا واليمن - حالة غليان وصراعات وحروب بالوكالة، تنفذها تنظيمات، يرفع بعضها رايات دينية أو أيديولوجية، وبأقنعة سياسية تختفى، ويمثل كل منها دولة أو جهة أو جهاز مخابرات، يعمل بعضها لصالح قوى إقليمية او دولية ولا توجد منها من يعمل لصالح وطنه، وفى النهاية كانت النتائج مزيد من الدم والتفتيت والتقسيم، وهو أمر نبهت له مصر مبكرا وحذر منه الرئيس السيسى مرات وفى مناسبات متعددة.
وعندما يقول الرئيس «اطمنوا على بلدكم» فهو يشير إلى امتلاك مصر لأدوات وقدرات تمكنها من حماية أمنها القومى بل والإقليمى، بشكل كبير، من خلال قوات مسلحة قوية وحديثة، تمثل جيشا قويا رشيدا يحمى ولا يهدد ولا يعتدى قادر على حماية الأمن القوى باحترافية، وهو الردع الحاسم لكل الأطراف والذى من دونه يصعب أن يتحقق السلام».
فى كلمته أمام طلاب الأكاديمية استعرض الرئيس جهود مصر لوقف الحرب وإحلال السلام، فى وقت تتفاعل فيه الأحداث إقليميا ودوليا بشكل متسارع، وبصورة تمثل ما يشبه حربا عالمية تتبدل فيها الاتجاهات والتطورات، وكل يوم تتضح الصورة أكثر إقليميا ودوليا، وتتكشف النتائج الكيفية للتغيرات الكمية الدائرة خلال أكثر من عقد.
وكالعادة يحرص الرئيس السيسى فى كل مناسبة على تأكيد فخره وتحيته للشعب المصرى العظيم ووعيه، «أسجل هنا للمصريين تقدير واحترام شديد، لاصطفافهم خلف القيادة والدولة، وأن ما تحقق من جهد وإنجاز تم بوعى المصريين وتفهمهم للمخاطر والتحديات الموجودة، وأن المصريين كانوا دائما وما زالوا على قلب إنسان واحد، مدركين للأحداث التى تمر بها المنطقة». الرئيس أكد تأثره إيجابيا بأن المصريين مع القيادة والدولة متفهمون لطبيعة التحديات والضغوط، وحتى لو كانت هناك ظروف صعبة تجاوزناها، ويؤكد الرئيس أنه دائما يتوقع هذا من الشعب المصرى، وأنه حتى لو كانت هناك ظروف اقتصادية صعبة يشعر معها البعض بضيق من تضخم أو أسعار، لكنهم فى الشدائد ينسون كل هذا ويتجاهلونه ويصطفون مع بلدهم.
كلمات الرئيس تأتى فى وقت شديد الدقة، تتفاعل الأحداث، وتتحول المواقف، وتبقى مصر قادرة على ضمان أمنها، وأيضا الاستقرار فى إقليم مضطرب، خاصة أن المصريين واجهوا خلال 14 عاما تحديات ضخمة، نجوا فيها بوعيهم وفطرتهم، من مصائر آخرين وقعوا فى فخاخ أحلام تحولت إلى كوابيس.
