حازم حسين

مأسسة الطائفية وفقه التوحش.. عندما تغلب الجولانى على الشرع فى امتحان العلويين

الأحد، 09 مارس 2025 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

جريمة شنعاء على الساحل السورى. قُتل عشرات المدنيين الأبرياء، وبينهم نساء وأطفال. يشغلنى ظاهر الواقعة عن خفاياها، ولا أُحب أن أُسحَب إلى التفاصيل قبل الوقوف على العنوان. ماتوا لأنهم علويّون، ولا شىء آخر، ولا فارق بين مصدر الرصاص.

تتفاوت التقديرات إزاء ما شهدته اللاذقية وطرطوس، ومُدنهما وأريافهما. فمن قائل إن فلول النظام القديم أعلنوا حربًا على السلطة الجديدة، لآخر يحصر المسألة فى انفلات مقاتلى هيئة تحرير الشام بعدما صاروا جيشًا نظاميًّا، والثابت الوحيد أنها مقتلة لا تبرير لها.

ولكى ندخل إلى المسألة دخولاً منطقيًّا؛ فالبداية من وضع النقاط على الحروف المُلتبسة، لتصير القراءة مُمكنة. المسؤولية الأولى فيما حدث على عاتق الدولة/ السلطة؛ لا لغرض فى تحميلها أعباء لا تخصها، أو لخلاف فى الأيديولوجيا ورفضٍ لا أُنكره شخصيًّا لأفكارها؛ بل لأنها قوّة الحُكم المعنيّة بسلامة مواطنيها جميعًا، والعجز عن الحماية ربما يتساوى أحيانًا مع الشراكة فى الدم.

وللمنطق أيضًا؛ فإن الامتحان ثقيل والأزمة مُركّبة. يخرج الشام من جلده إلى عالمٍ جديد، على أكتافه أثقال الماضى وفى طريقه عثرات الحاضر.. والحقُّ أن الثورات لا تنتصر بالتمنى، ولا تنتقل الدول من حال إلى حال بغير جهد ومشقة؛ لكن الحروب الأهلية لا تنتهى من دون اعتراف واعتذار، ومسامحات ومصالحات، من كل الأطراف ولكل الأطراف. وأخطر ما يُدار به الانتقال أن يُعرَّفَ السياقُ على غير حقيقته، أو يُثَوَّر ما كان احترابا، والعكس.

ما انقطعت التجاوزات طوال الأسابيع الماضية منذ سقوط نظام الأسد. تتوالى وقائع العنف والتشبيح وإهدار الدم على الملأ، وثمّة حوادث موثّقة للسحل والتنكيل والإعدامات الميدانية. يتذرّع البعض ببقايا الحُكم القديم، ويحتمل آخرون على أمل أن تنضج الإدارة الجديدة، ويتمدّن مقاتلوها الآتون من البرارى وحواضن الإرهاب.. لا أحد تقريبًا يُحسن الظن فى الآخر؛ لكنها المٌساكنة الاضطرارية القاسية، وطىّ القلوب والصدور على ما فيها من هلع وارتياب.

والحادثة الأخيرة تُعزى إلى تدشين مجلس عسكرى فى الساحل السورى، على ما يُساق من إعلام الجولانى وبعض رُعاته الإقليميين.. ستسمع أسماء مثل غياث دلّه أو المقداد فتيحة، وربما سهيل الحسن وغيرهم؛ لكن المشهد الأخير لم يُفضِ لإعلان تصفية أى منهم، ولا حتى توقيفه، والمواد البصرية المتواترة لن ترى فيها إلا مدنيين، صغارا وكبارا، واقتحامات للبيوت، وإطلاقا للنار من النقطة صفر.

لا أحد يقرأ الطالع؛ لكن حال سوريا الراهنة لم تكن فى حاجة لعّرافين ومُخترقى حُجب. ربما جاءت أسرع مِمَّا توقع المتشائمون فحسب، إنما لم تكن خارج الاحتمالات على الإطلاق. والعِلّة فى جانب كبير منها تعود لميراث الحقبة الأسديّة، وما زرعته فى تُربة البلد وأحدثته فى نفوس بنيها؛ لكن جوانب أُخرى تتصل بمسار الثورة التى انقلبت فتنة، وبالوريث الذى جاء من خارج أفق الدولة تمامًا؛ ليُبشِّر بهدمها وإعادة بنائها، وهو الذى يفتقد لخبراتها بالكامل، ولا يؤمن بها من الأساس.
أُزيل عشرات العلويِّين من سجّلات الأنفس فى غضون يومين. قتل على الهُويّة، ونزوع واضح إلى البطش لاعتبارات مذهبية، أو لصناعة أمثولة على طريقة "رأس الذئب الطائر".. وكثير من المواد المصوّرة تُوثّق رسائل غليظة من مقاتلى الجولانى، وهتافات طائفية مُعبّأة بالتطرف والتشفّى، وتداخل فاضح وغير قابل للفضّ بين الميلشيوى والدولتى؛ وكلاهما يُفسد الآخر ويفسَد به، على الصيغة المطروحة من الحُكّام الجُدد.

لم يكن أشدّ الناس رومانسيّة يتوقّعون أن تذوب عقود البعث سريعًا، ولا أن تنشقّ الأرض فتبتلع من كانوا يتعشّقون ضمن هيراركية السلطة ويتربّحون منها. الفرضية الساذجة جُرّبت فى العراق سابقًا، وتوهّم الحاكم الأمريكى بول بريمير أنه يُغلق دفتر صدّام حسين نهائيًّا بتسريح جيشه؛ فكان ما كان من صراعات أضعفت الدولة وقوّت القاعدة، وأنتجت داعش من العدم.
الإرهاب أثر جانبى يُخشى منه على الدول ما بعد الثورات. وبعيدًا من مفارقة أن الطرف الذى كان يُفترض أن تخشاه سوريا، تقدّم ليبتلعها ويرث نظامها؛ فالخطر لم يزُل تمامًا؛ أكان من جهة الغريم أم من داخل الدائرة الحاكمة نفسها. وسياق الانتقال بطبعه سيُخرج أسوأ ما فى المجتمع، وستزدحم البيئة بالفلول وأرامل السلطة الساقطة، بقدر ما يزحمها دراويش السلطة الجديدة وذيولها، والعاجزين منها عن عبور الجسر بين الميليشيا والدولة، والرافضين للعبور أصلاً.

إن كان الجولانى يجهل فتلك مصيبة، وإن كان يعرف ولم يستعد فالمصيبة أكبر. يُلام أوّلاً وأخيرًا عن انفلات نشاط الفلول؛ إن كانوا حاضرين أصلاً وليسوا حجّة لتمرير الممارسات الوحشية بحق المدنيين، ويُلام على ما فعله رجاله فى الناس داخل بيوتهم، واللوم الأكبر على أنه لم يستثمر الحاضنة الشعبية التى توافرت له منذ ديسمبر الماضى لدفع الأمور قُدمًا، وعلى أنه قال الكثير وفعل القليل.

لا يُمكن الفصل بين مذابح الساحل السورى، وما كان منذ دخول دمشق والانفراد بالسلطة تحت ظل السلاح. صار الجولانى حاكمًا بقوّة الأمر الواقع، ما فوّضه الناس ولا كان يُمثّل الأغلبية أصلاً. ثم اجتمع رجاله وتابعوه من الميليشيات الرديفة لينتخبوه رئيسا، وشكَّل لجنة للحوار الوطنى تفوق 90% من هيئة تحرير الشام، ثم أخرى لا تختلف عنها لصياغة مسوّدة الإعلان الدستوى، ومن المُرتقب أن يُعيّن مجلسًا تشريعيًّا مؤقّتًا بالروحيّة ذاتها.

أُدير الحوار على عجلٍ لإحراز شرعيّة يعرف أنه يفتقدها بالكامل؛ وما يُؤازره سوى إسناد بعض العواصم الإقليمية لغاياتٍ شتّى؛ أكان سعى إحداها للتمدُّد واستعادة مجدها البائد، أو رغبة أُخرى فى البحث عن أدوار تتجاوز قدراتها، فضلا على هلعها المكتوم من الشيعية المُسلَّحة. المهم أن النظام الانتقالى فى دمشق صار مُنتدبًا عن قوى أكبر من الدولة، ولا يُعبر عن توازنات الداخل وتطلعاته، كما لا يرى الجالس عند رأسه أنه فى حاجة أصلاً لإرضاء الناس أو طمأنة مخاوفهم.

وصلت التجربة إلى حارة مسدودة بأسرع مِمَّا تخيَّل رُعاتها. الجنوب خارج سُلطتها تمامًا، ولا مقدرة لديها على إظهار الحضور فى أية بقعة منه. والشرق لديه تطلعات انفصالية أو فيدرالية لن تُدخله تحت راية الميلشيا سريعًا، لا سيما مع عجز الجيش الحُر ورعايته العثمانية عن هزيمة الكُرد طوال الفترة الماضية، وغموض الموقف الأمريكى إزاء الرحيل أو البقاء. خرج الجولانى من إدلب ليحكم سوريا؛ لكن أغلب جغرافيا الشام ما يزال خارج يديه، والجمر المخبوء فى تُرابها يُبشِّر باحتراقاتٍ لم تردّ على باله ومَن يُحرّكونه من الخارج.

وأسوأ ما فى مأساة الساحل أنها أُديرت بكاملها تحت سقف الميليشيا، فى الممارسة والخطاب والمُعالجة اللاحقة. لقد تكفّل المُقاتلون بتصوير أغلب المواد المُتداولة، وظهروا مُتفاخرين فى بعضها؛ لكن القيادة المسؤولة عنهم لم تتصدّ للتجاوزات ولا افتتحت تحقيقا أو أوقفت مُجرما منهم؛ ثم مُنحوا غطاء سياسيا من القيادة الأرفع فى الدولة، بتغطية بائسة وشديدة القُبح عليهم من جانب الجولانى/ الشرع.

تكلم الرجل فى آخر اليوم الثانى للمأساة؛ وليته ظل صامتًا. الإشارة الأولى أنه اصطبر من صباح الخميس إلى مساء الجمعة؛ كأنه يمنح عناصره فرصة الإجهاز على ضحاياهم وتحقيق أمثولة الإرعاب المطلوبة فى مناطق العلويِّين، والطامة الكُبرى أنه هنأهم على ما اعتبره "حماية المدنيين وسرعة الأداء"، بينما تتوافر مئات الشواهد على أنهم ولغوا فى دم مدنى برىء، والسرعة كانت فى الترهيب والقتل ولا شىء آخر.

لم يتحلّ الجولانى بالشجاعة المطلوبة للاعتراف بما جرى، والاعتذار عنه، والتوجيه بفتح تحقيق موسَّع ومساءلة المتورطين فى جرائم الساحل. لكنه فى الخطاب الأخير بدا مهتزًّا وعاريًا من بلاغته المعهودة، ومُنكشفًا لدرجة أبانت عن تناقضات عِدّة؛ كأن يعترف ضمنيًّا بالجرائم إذ يُطالب المقاتلين بالتزام أوامر القادة العسكريين؛ كما لو أنه أُخبِر بحال الانفلات، أو بأن عناصره خلعوا رداء الجنود النظاميين وعادوا لهيئة العصابات الأيديولوجية، ومارسوا القتل الموصوف على الهُويّة.

لم يكن مدنيًّا فى كلمته كما يدّعى دومًا. عاد الرجل خطوات واسعة للوراء، وقبض على فقه القاعدة وداعش مُجدَّدًا. استخدم وصف "الأسرى" بدلا من "الموقوفين" فى عمليات أجهزته الأمنية بالساحل، واستمدّ الأمان لهم من العهود الدينية لا من المواطنة والقانون. لعلّه فى زحمة الارتباك انخلع من قشرته الحداثية المُدّعاة، أو يعلم أنه يُدير إرهابيين لا يقتنعون بالتوجيه من خارج الحظيرة الدينية؛ المهم أننا إزاء حالة انفصام بين الواقع والواجب، وبين ما يزعمه حُكام سوريا الجُدد، وما يسقطون فيه عمليًّا كلما زحزحوا أقدامهم للأمام.

يقول السيد الشرع/ الجولانى؛ إن خصوم الساحل سعوا لاختبار سوريا الجديدة التى يجهلونها. كأننا إزاء اعترافٍ بالانفراد بسوريا الجديدة، وبأنهم يُغيّبون بقيّة المكونات إلا السُنّة، وبالتحديد أحد أطيافها الأصولية المُنخرطة تنظيميًّا فى مجال الراديكالية والإرهاب.. وما وراء الإقرار الرمادى؛ إنما يُدين هيئة تحرير الشام عن المُقتلة، وعن المُسبِّبات التى قادت إليها؛ بل يجعلها مسؤولة دومًا عن كل اشتعال أو تأجيج، وليس فى الساحل فقط، بل في الجنوب والشرق وما قد يُستَجَدّ.

كان النظام القديم طائفيًّا فى العقلية وشموليًّا فى السلوك، وخاض نزاعات داخل الحاضنة العَلَويّة نفسها، وقرّب آخرين من السنّة والكُرد والدروز وغيرهم. أما الورثة البُدلاء عنه فإنهم طائفيون مبنى ومعنى وممارسة، ولا يرون الدنيا خارج فقّاعة اللون الواحد، بل إنهم طائفيون داخل الطائفة الواحدة، وإذ يستأسدون على العلويين اليوم، فقد يتبعهم المسيحيون والدروز، ولن يكون السُنّة بعيدين فى المستقبل.

مذهبية الأسد خُلِطَت بقوميّة البعث؛ فأنتجت ما كانت متسلّطًا على سوريا لخمسة عقود مضت. أما الجولانى فإنه ينطلق من مرحلة أبعد وأكثر بدائية؛ تعود لفكرة الأُمميّة والخلافة، وما قبل الدولة الوطنية ورباطها الثقافى مع محيطها. كانت الحركة الوطنية التى تربّى فيها البعثيون ترى الشام الكبير، وتتباكى على لبنان وفلسطين؛ لكن حركيّة السلطة الحالية تعود لزمن الأمويِّين، وإن تقدّمت فإلى آل عثمان.. التطوّر عملية مُمتدّة ولها سياقات طبيعية، ولا يحدث بين يوم وليلة، كما لا تتحقّق الطفرات بالشعارات؛ والخلاصة أن أقصى تغيّر يُنتَظر من أبى محمد الجولانى، فى أشدّ حالاته تقدُّمية وديناميكية وإخلاصًا للتمدُّن، أن يصير نسخة جديدة من الأسد.

يفشل الرجل فى الوفاء بالتزاماته على وقتها؛ لا لأنه يُحب الفشل ويُريده، بل لافتقاده خبرة الدولة، وانصرافه عن مشقّة اكتسابها، وربما لتبعيّته الفكرية والسياسية، وعمله وفق إملاءات يتعذّر كسرها أو الخروج عليه. وإذا كان مأزوما فى الجغرافيا بالاحتلال جنوبا وشمالا وتمرُّد الكرد شرقًا؛ فلا يُفهم لِمَ يختلق لنفسه أزمات إضافية على الصُعد الاجتماعية والنفسية، باستثارة الدُرز أو التصعيد مع العلويِّين، ولا لماذا يُفرّط فى فرصة تصليب المكوّنات السورية، والاستناد إلى ظهير شعبى واسع وذى طابع إجماعى.

ربما لا تتوافر الظروف الكاملة لجولة جديدة من الحرب الأهلية. اللحظة الحرجة ما تزال غائبة، والسلطة الجديدة مسنودة بسلاحها، وبضيق الناس من سنوات الفوضى والدم، وبعض الغضب والانفعال فى نفوس الأغلبية السنيّة، وبمواكبة إقليمية غير بريئة ولا مُحايدة من بعض الرُّعاة. كل هذا يُرجئ الصدام ولا يمنعه؛ طالما لم يُعاد المسار المُحرَّف إلى مداره الصحيح، وتُداوى العِلل بالوصفة السليمة.

مشكلة سوريا الدائمة منذ غادرت عصمة العثمانيين؛ أنها ما نجحت فى تذويب مكوّناتها المتمايزة دينيا وعرقيا فى سبيكة واحدة، والتوصّل إلى نسيج يُؤلِّف ولا يُفرِّق، ويصيغ هُويّة جامعة تُعزِّز المُشتركات وتُجنّب المُنازعات. وما يجرى مع هيئة تحرير الشام والجولانى أنهم يستثمرون فى اللعبة القديمة، مع فارق أنهم ملوّنون بلونٍ واحد، ومصرّون عليه، ويفتقدون لثقافة الدولة، وما أرسوا مؤسسات مُحايدة تُعوِّض شيئًا من انحيازهم، أو توفر مساحة فوق طائفية للآخرين.

مذابح الساحل إعلان سيادة للميليشيا، وخطاب الرئيس المؤقت تأمين على ما أراده مقاتلوه؛ فكأن الجولانى يتغلّب على الشرع فى أول امتحانات سوريا الجديدة؛ لأنه انحاز لصفته التنظيمية على شخصيته الاعتبارية، للقاتل على الضحية، وما اعتذر للمنكوبين وذويهم، ولا لسوريا التى أُهينت فى الشوارع، وقُتل أبناؤها الأصلاء برصاص عناصر أجنبية من الترك والأفغان والشيشان وغيرهم.

الجنوب محتل من الصهاينة، والشمال قيد الاحتلال أيضًا. إيران ستسعى للتشغيب من دون شكّ، وحزب الله لن يخضع لقمقمه الجديد شمالى الليطانى ودون امتدادات عابرة للحدود. يُحتمل أن الشيعية المُسلّحة تُثير الغبار، أو أن ميليشيا الحُكم السورى تستبق الأحداث لتُعيد التموضع، أو تتذرّع بالآخر الفارسى لتمكين الآخر العثمانى.. يعجز الجولانى عن تحرير الأرض من إسرائيل، ويصمت عن قدم الأناضول الثقيلة، ويُفتِّت المجتمع بدلاً من تجميعه؛ فكأنه يعمل لصالح أطراف أخرى خلاف سوريا/ الدولة والهّويّة.

تفشل دويلة هيئة تحرير الشام فى بناء جهازها الوطنى، وفى جعل العملية الانتقالية مشروعا وطنيا جامعًا؛ بل تستعيض عن هذا بمأسسة الطائفية؛ وقد تحقّقت تنفيذيًّا عبر سُلطة كاملة من لون واحد، وعمليًّا بالقتل على الهُويّة، وسياسيا بإرخاء ستار النظام على الفوضى، وتغطية الرئيس للإرهابيين.. التطييف تراجع عن مفهوم الدولة، ومذابح البيوت والشوارع قوننة للإرهاب.

اللحظة الحرجة للانفجار غير حاضرة؛ لكن أحداث الساحل بداية لا نهاية. الفلول حقيقة متوقّعة؛ لكنهم ليسوا مبرّرًا للتنكيل، ولا يمكن أن يكونوا.. حشد الناس عاطفيًّا والتعيُّش على الطائفية قد يُيسّر للجولانى إحكام قبضته على المجال العام؛ لكنه يُبعده عن صِفة الدولة ويبقيه فى حيِّز الميليشيا.

رفضَ الرجل الثأر فى ديسمبر لأنه كان يطلب السلطة؛ ثم ولغ فى الدم اليوم دفاعا عنها، ورأينا البراميل والتشبيح واقتحام البيوت كما كان فى زمن الأسد، وإثارة مخاوف بقية المكونات العرقية والدينية والجهوية، ما يُعذّر مسار التضامّ واللُّحمة وبناء نظام قادر على الحياة.. خطيئة الماضى تتكرر؛ لكنها بدلاً من وحشية الأسد، تتلوّن اليوم بدناوة الضباع.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة