عادل السنهورى

زيارة فرنسية استثنائية للغاية

الخميس، 10 أبريل 2025 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم تكن مجرد زيارة مجاملات دبلوماسية ومصافحات وابتسامات وبيانات تقليدية ..فعلى الرغم من أنها الزيارة الرابعة للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون الى مصر منذ توليه رئاسة فرنسا في مايو 2017، الا أنه يمكن وصفها بأنها الزيارة الاستراتيجية الأكثر أهمية والاستثنائية بامتياز لماكرون الى القاهرة.

وعلى الرغم أيضا من البدايات الانسانية والثقافية والشعبية للزيارة في محطاتها الثلاثة الأولى من المتحف المصري الكبير وخان الخليلي ومقهى ومطعم نجيب محفوظ ثم محطة عدلي منصور وجامعة القاهرة، وتماهي السياسة الخشنة بالقوة الناعمة وأجواء التاريخ والحضارة ورائحة المكان، فانها زيارة فارقة في تاريخ العلاقات بين مصر وفرنسا من ناحية وفي تاريخ العلاقات العربية الأوروبية من ناحية آخرى.

تقييم الزيارة لا يقتصر عند جانب واحد فقط ..جوانب عديدة، دولية واقليمية يمكن من خلالها عملية التقييم للأهمية الاستراتيجية لكن ما يهمني هنا هو ما تحقق على مستوى العلاقات الثنائية بين باريس والقاهرة والتي تكلل بترفيع مستوى العلاقات بين البلدين الصديقين الى مستوى الشراكة الاستراتيجية وهو أعلى مستوى للتعاون بين الجانبين. علاوة على توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء 100 مدرسة فرانكوفونية، وانشاء مستشفي لعلاج السرطان بتكنولوجيا فرنسية في القاهرة، اتفاقيات مشتركة في مجال التعليم العالي و البحث العلمي ، التعاون في القطاع الطبي ونقل الخبرات الفرنسية لمصر، نقل تكنولوجيا وتوطين صناعة السكك الحديدية في مصر، التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي و الامن السيبراني ، تمويل مشروعات البنية التحتية و الطاقة و الزراعة و المياة ،توطين بعض الصناعات الفرنسية في مصر و علي رأسها قطاع السيارات ، والاتفاق على زيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر من ٤ الي ٧ مليار يورو.

واتفاقيات عسكرية تشمل صفقات أسلحة و نقل تكنولوجيا و توطين بعض الصناعات العسكرية في مصر علي رأسها طائرات الرفال التي رافقت.

زيارة ماكرون للقاهرة في استعراض جوي له مغزاه، ولم يكن أيضا استعراض أو عرض جوي للناظرين والمتابعين بل ايقونة للتعاون العسكري لواحدة من أقوى المقاتلات الجوية في العالم، والتي آثارت مخاوف " الآخرين" من فقدان التفوق الجوي .
فمصر كانت أول دولة في العالم تحصل على مقاتلات “رافال” من فرنسا خارج القوات الفرنسية نفسها، في صفقة بلغت قيمتها 3.4 مليار يورو.

ويوم الاثنين الماضي أعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، وصول أول مقاتلتين من طراز رافال ضمن الدفعة الثانية التي طلبتها مصر وتشمل 30 طائرة ، وقال وزير الدفاع الفرنسي:"كان يوماً مميزاً في مسار علاقات الدفاع بين بلدينا، تميّز بوصول أول مقاتلتين من طراز رافال ضمن الدفعة الثانية التي طلبتها مصر. إرادة مشتركة في مواصلة تعزيز التعاون بين قواتنا المسلحة".

والصفقة الجديدة التي تم التوقيع عليها في مايو عام 2021 تعزز عدد طائرات الرافال في الأسطول المصري إلى 54 طائرة، مما يجعل القوات الجوية المصرية الثانية عالميًا بعد فرنسا في تشغيل هذا النوع من المقاتلات التي تتميز بقدرات قتالية عالية، تشمل تنفيذ المهام بعيدة المدى، وتمتلك منظومة تسليح متطورة وقدرة عالية على المناورة، بالإضافة إلى منظومة حرب إلكترونية متقدمة.

الصفقة الثانية تعني تنويع مصادر التسليح، وتعزيز الثقة المتبادلة بين القاهرة وباريس، وترسيخ مكانة مصر كحليف لا غنى عنه في الشرق الأوسط. وهو ما أكدته الزيارة الأخيرة للرئيس ماكرون التي لم يقتصر التعاون العسكري فيها على الطائرات المقاتلة فقط وانما أيضا على تكنولوجية عسكرية متطورة.

تصريحات الرئيس الفرنسي الذي رحبت به الرافال في سماء القاهرة جاءت لتؤكد الثقة الفرنسية وبالتالي الأوروبية في القدرة المصرية على الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة بعد قدرتها على الحفاظ على قوة الأوضاع الداخلية المصرية بما يؤدي الى مزيد من التعاون وتدفق الاستثمارات الفرنسية والأوروبية ومؤسساتها النقدية والتمويلية  بما يمثل مقدمة غاية في الأهمية لبلورة المواقف السياسية والتنسيق العربي الأوروبي لحلحلة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا الأوضاع في غزة، فمصر- كما قال ماكرون- ليست فقط “شريكًا للسلام”، بل لاعب أساسي في ملفات تشكل مستقبل الإقليم.

مرافقة الرافال لماكرون في سماء القاهرة كانت لها أصداءها في العريش مع زيارة الرئيس الفرنسي للجرحى والمصابين من الشعب الفلسطيني في غزة داخل المستشفيات المصرية. فماكرون كان على بعد 50 كيلومتر فقط- تقريبا- من الحدود مع غزة وفلسطين ويدرك جيدا الآن أن مصر باتت خير حارس لحدودها مع ايمانها المطلق بالسلام والاستقرار .







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة