أكرم القصاص

«لام شمسية».. دراما الصدمة والعقدة لقضية اجتماعية حساسة

الأربعاء، 02 أبريل 2025 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من بين الأعمال التى عرضت فى رمضان ولفتت الأنظار، مسلسل «لام شمسية»، الذى حظى باهتمام كبير من قبل المشاهدين والنقاد، لأنه يعالج قضية أو قضايا مهمة داخل المجتمع فى كل الأوساط تخص وجود عمليات تحرش بالأطفال، وهى أنواع من أمراض خاصة تقع من قبل أفراد يفترض أنهم قريبون من الأسر ولا يمكن للشك أن يتطرق لهم، والواقع أن العمل بالفعل عالج الأمر بصورة فنية احترافية بشكل سلط الضوء على القضية، ولفت الأنظار إليها بمعالجة فنية.

وإن كان العمل كله يدور فى مجتمع الطبقة الوسطى العليا، وهم من يستطيعوا اللجوء إلى الطبيب النفسى، فهو أيضا يكشف ترسبات أخرى تبقى فى الذاكرة وتسبب أنواعًا من الصدمات أو المشكلات الاجتماعية والزوجية، التى تظهر على السطح من دون أن يحاول الأشخاص اكتشافها.

«لام شمسية» من تأليف مريم نعوم، وورشة حكى هى أسلوب متبع من سنوات، وإن كان يجعل هناك دائما ثغرات أو نقاط اختلاف فى الصياغات أو بعض الثغرات التى تظهر فى العمل، ولا يمكن إيجاد مبرر له، مثل حالة الأم رباب التى قدمتها يسرا اللوزى، وأوحت بوجود سر لم تظهر ماهيته، ولم يحدث تفسير لأسباب مرضها النفسى وحقيقته، وكان يفترض الإفصاح بهذا ليكتمل الأمر، لكن هذا لم يمنع من وجود تفرق فى الإخراج لكريم الشناوى، وفى التمثيل من قبل أمينة خليل التى أجادت تقديم دور زوجة الأب، التى تتفوق فى مشاعرها على الأم، ومن ضمن الأدوار العالية جدا التى تفوق فيها الممثل على كل من حوله دور وسام، الذى قدمه ببراعة محمد شاهين وهو ممثل قدير بالفعل فى أدواره السابقة، لكنه نجح فى هذا الدور أن يقدم الدور المعقد لمتحرش بالأطفال يعانى من تركيبة نفسية معقدة، وعقد متراكمة أرجعها الورق إلى عنف الأب وهجران الأم، لكن أيضا حمل العمل نوعا من التعاطف ولو من بعيد مع جان احتفظ طوال الوقت ببرود أعصابه وتمسك بثقة عدم قدرة أى من ضحاياه على كشفه، لكونه كان يسيطر عليهم، ومن بين المشاهد الكبرى عندما كان يتفرج على التليفزيون، ورأى زوجته وقد انتحرت وتركها وأغلق عليها الباب وأكمل الفرجة ببرود.

وفى الترتيب التالى من حيث الإجادة، يأتى الطفل على البيلى الذى قدم دور يوسف، الطفل الذى تعرض للضغط والتحرش من وسام صديق والده الأنتيم، قدم الطفل على دوره بسلاسة ومن دون ادعاء بشكل متوافق جدا، عبر خلاله عن مشاعر طفل بالفعل، مما ضاعف من قوة الدور.

بالطبع تأتى أدوار أخرى مهمة، مثل الأب طارق، أحمد السعدنى، الذى قدم الدور بشكل يعبر عن تناقضاته وانتقاله من الأب البعيد غير المهتم بالأسرة إلى الأب المتعاطف ثم المسؤول عن ابنه والساعى لحمايته بعد أن كان غير مصدق لما تطرحه زوجته نيللى.

ومن بين الأدوار المميزة فى «لام شمسية» دور نهال، ثراء جبيل، التى قدمت دور الفتاة التى تعانى من ازدواج الشخصية، وتكذب على طارق وعلى أسرتها، وتحاول الظهور فى شكل مجتمع منفتح يتعارض مع أصولها، لكن بشكل عام، فإن أغلب، إن لم يكن كل الشخصيات، تعكس وجود عقد وأمراض نفسية بأشكل متنوعة، لكن تبقى شخصية رباب التى قدمتها يسرا اللوزى، حيث منحت غموضا لم تتم إزالته، وبقى الأمر غير متناسب مع ما تم كشفه عن وسام. بدأ تمثيلها مبالغا فيه، بالرغم من أنها قدمت دور الأم المرعوبة على ابنتها، لكن السيناريو لم يوضح باقى الخيوط التى تبرر هذا الأداء وهل هى عقدة أم صدمة.

يؤخذ على العمل أيضا بعض التطويل فى بعض الحلقات من دون حدث، وأيضا الحلقة قبل الأخيرة التى حاول فيها العمل تبرير عقدة الرعب من العلاقة عند نيللى، بسبب جارتها الأكبر منها، وبدا الأمر محاولة لتقفيل ملف من دون إقناع كبير، ومشاهد مطولة كثيرا.

أما دور الأم نادية، الذى قدمته القديرة صفاء الطوخى، فقد جاء متناسبا تماما مع الأم التى تنقسم بين الرغبة فى حماية ابنها بمشاعر أم ومديرة المدرسة التى ترى ابنها مذنبا ومعتديا.

«لام شمسية» يعالج قضية دقيقة جدا موجودة فى المجتمع على مدى عقود، وإن كانت تعالج الأمر فى طبقة اجتماعية تعرف الطب النفسى، وإن كان الأمر ليس متاحا بهذا الشكل فى كل الاتجاهات، وإن كان يذكر للعمل أنه أشار إلى خط نجدة الطفل الذى يمكن للأسر الاستعانة به لمتابعة ما يتعرضون له.

العمل شجاع فى طرح قضية موجودة فى كل المجتمعات، وإن كانت بشكل أكثر تعقيدا وتشابكا مما يطرح فى بوستات أو مذكرات لا تعبر عما يحدث بالفعل.

p
اليوم السابع
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة