تشير ماهية الديمقراطية المصرية، إلى حرية الشعب في التعبير عن إرادته، وتأكيد سيادته، وخوض غمار الممارسة السياسية، عبر منابر، حددها الدستور الذي أقره؛ ومن ثم يتمتع الجميع بكافة الحقوق المنصوص عليها، كما أن الفرص متكافئة، تقوم على فلسفة، العدل، والمساواة، بين الجميع، وهذا من شأنه يضاعف المسئولية، تجاه بناء الدولة، وتعضيد قدراتها؛ كي تستكمل مسيرة نهضتها في شتى المجالات.
النضج السياسي في مصر، تمخض من تجارب ديمقراطية، مر بها الشعب؛ حيث شارك في استفتاءات، وخاض العديد من الانتخابات النيابية، والرئاسية، وتعرف على قواعد وإجراءات المشاركة، سواءً بالترشح، أو بالانتخاب المباشر، وتعرف على من لديه المقومات والاشتراطات للتقدم للمنصب سياسيًا، كما أظهر الشعب تضافرًا مع مؤسساته؛ حيث وفر المناخ الديمقراطي الداعم، الذي وصف بأنه مستقرٌ مطمئنٌ، بما ساهم في حث الجموع على المشاركة.
التراكم الخبراتي في الساحة المصرية، والعديد من الممارسات التي أجريت على أرض الكنانة، رسخ العديد من المفاهيم السياسية، في إطارها الصحيح، لدى المجتمع المصري، بكل فئاته، كما استقطب مزيدًا من الراغبين في الخدمة العامة، عبر الانتساب للأحزاب السياسية، بمختلف توجهاتها، وما تتبناه من غايات، كما ان سلاسة الإجراءات، وحماية المؤسسات الأمنية، للعمليات الانتخابية، والإشراف القضائي النزيه، والفرز على العلن، كل ذلك ويزيد ساهم في إحداث النضج السياسي، لدى شعبنا العظيم.
النظام المصري ساعد على تفعيل القوانين المنظمة للعملية الانتخابية؛ فلم يسمح بالتجاوزات، ولم يسمح بفتح أبواب التعدي على نزاهة إجراءات الانتخابات، خاصة بعد ثورة يونيو 2013م، وهذا ما كشف عن الوجه القبيح للجماعات، التي أرادت تفعيل فلسفة الاستقطاب؛ بغية تفكيك اللحمة، وهتك النسيج المجتمعي؛ ومن ثم أدرك الجموع المخاطر، التي تحدق بالبلاد؛ فثارت ثورته، واتخذ قراره، الذي انحاز له جيشه وقائده الجسور.
ما يجري على الساحة الآن، خير برهان ودليل، على صحة المسار، وصواب الطريق؛ حيث ترصد حالة من نضج المعارضة؛ فالجميع دون استثناء، مصطف خلف الوطن وقيادته، وهذا سر تماسك الدولة وقوتها، ناهيك عن مسار الإعمار، الذي انتهجته السياسة المصرية؛ كي تخرج البلاد من حالة العوز والفاقة، إلى حالة نصفها بتعضيد عزة الشعب، وصون كرامته، وإعلاء راية البلاد.
النضج السياسي المصري، نرصد من خلاله حالة فريدة من التعاطي مع الأحداث الجارية؛ فمن يهدد الأمن القومي للدولة في أبعاده المختلفة، لا يجد مؤسسة بعينها تقف أمامه، بل تجد شعبًا متأهبًا قادرًا على دحر كل من تسول له نفسه النيل من مقدرات تلك البلاد العاتية، ومن يحاول أن يضعف الثقة بين الشعب وقيادته، متخذًا سلاح الشائعات معولًا؛ فإن الشعب المصري له خازل، وعليه تصب جمرات الغضب؛ فلا يجد بوابة إلا وأغلقت في وجهه.
عندما تعاني الدول من أزمات وتحديات، تجد أن الشعوب تخرج عن السياق، وتعبر عن غضبها، وامتعاضها؛ لكن في مصر حالة من النضج السياسي، الذي يؤكد صورة الوعي الصحيح في أنماطه المختلفة؛ فهناك إدراكًا بفلسفة الاقتصاد، وكيف يدار من قبل الدول المهيمنة، وهناك إدراك لدبلوماسية الدول، التي تقوم على المصالح، وهناك إدراك للمطامع التي تسعى دول بعينها لتحقيقها، وهناك إدراك لفحوى المخططات، التي تنفذها الدول صاحبة المآرب، على المدى القريب والبعيد، هذا الإدراك في جملته شكل ماهية النضج السياسي، لدى الشعب المصري الأصيل.
القيادة السياسية المصرية منذ أن تولت شئون إدارة البلاد، أكدت على الشفافية والمكاشفة؛ كي يعي الشعب الباسل ما يدور حوله، ويلتفت لدوره، وهذا ما نعيشه اليوم، الجميع لا تعنيه مكاسب من النوع الخاص؛ لكن الكل يسعى بقوة تجاه تعزيز الدولة، وتعضيد منعتها، وتقوية شوكتها؛ ومن ثم ندرك الثقة المتناهية، من قبل قيادتنا الحكيمة، تجاه الرهان على وحدة، ولحمة، وتماسك، واصطفاف، الشعب المصري العظيم، صاحب التاريخ المجيد، والحضارة الغائرة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.