ربما ينزعج البعض، خاصة بين زملائنا الصحفيين، من دعوة كهذه. لكننا ننطلق إليها من إيماننا بثلاثة مبادئ أساسية. أولاً: أن لنا جميعاً فى القصاص حياة، كما شرع لنا الله عز وجل فى محكم آياته.
فى إحدى ليالى مارس 2008 باعت عاهرة شريط فيديو لصحيفة بريطانية واسعة الانتشار. كانت هى واحدة من خمس عاهرات قضين لتوهن ليلة حمراء غريبة الأطوار مع شخصية عامة فى حى تشيلسى الراقى فى وسط لندن.
حتى كتابة هذه السطور بلغ عدد القراء الذين اهتموا بالتعليق على خبر «صديقة زيدان تستقبله فى ألمانيا بقبلات ساخنة» الذى نشره موقع «اليوم السابع» قبل أيام قليلة 622 قارئاً انقسموا ما بين أغلبية ضئيلة مندهشة من هذا الفعل، وأقلية كبيرة مندهشة من رد الفعل.
سأنتهى من كتابة هذه الكلمات قبل أن يطلق الحكم صفارته معلناً بداية المباراة النهائية فى كأس الأمم الأفريقية بين مصر وغانا.
يطلب السيد وزير المالية، يوسف بطرس غالى، من كل واحد فينا أن يعطل أعماله, ويركب تاكسى رايح وتاكسى راجع, ويقف فى طابور طويل ويمرمط نفسه كى يقدم له رقم تليفونه المحمول, وبقية بياناته الشخصية وهو جالس على مقعده الوثير. ليس هذا وحسب، بل إنه يهدد كل واحد فينا بالعقاب إذا لم يمتثل لهذا الطلب فى خلال فترة معلومة.
بصراحة ودون مقدمات، سيتأثر الاقتصاد المصرى سلباً، وسيتخذ الاتجاه المحافظ فى مصر خطوة أخرى نحو الانغلاق والتشدد ورفض الآخر، بسبب تصريحات المدير الفنى للمنتخب المصرى لكرة القدم حسن شحاتة، صبيحة الفوز على نيجيريا فى بطولة كأس الأمم الأفريقية.
هذه دعوة متعمدة مع سبق الإصرار والترصد للهروب من الواقع الذى نعيشه ولو للحظة أو لحظتين كل يوم. فأحياناً نحتاج إلى أن نعلن لأنفسنا أمام أنفسنا رفضنا للتشوه القيمى ولانحسار الجمال عن حياتنا اليومية، حتى نستطيع أن نتعامل مع القبح فى حياتنا اليومية، ونحن على وعى بما نفعل. هذه مرحلة فى منتهى الدقة، وهى مرحلة يمكن أن تكون فارقة بين أن نستمر فى معايشة القبح «اضطراراً» إلى أن يمل منا القبح، أو أن يصير القبح جزءًا منا، ونصير نحن جزءًا منه فلا نستطيع حتى أن ندرك أنه موجود.
هؤلاء من الشعب المصرى الذين لا يفهمون جيدا، فيسمحون لأنفسهم بأن يغضبوا سريعاً من تصريحات وزير المالية، يوسف بطرس غالى، عليهم أن يتقوا الله فى رجل لا يستطيع أحد أن يشكك فى وطنيته وفى مهنيته وفى إتقانه لآداب اللغة والذوق العام.
بينما نقف فى هذه اللحظات بين عامين، عام يمضى تاركاً بين طياتنا شجوناً كثيرة يمتد معظمها لكى يتعلق برقبة عام آخر مقبل، فكرت فيما يمكن أن أنتخب من أحداث أو موضوعات، ولما فشلت لم أجد أمامى إلا ملاذى وملاذ الشعب المصرى: النكتة.
جملة قصيرة فى حوار طويل تعبر لك عن رؤية سهلة لمشكلة صعبة فى المشهد السياسى المصرى: «الدستور المصرى به 15 خطأ مطبعياً، مثل النسخة الإلكترونية الموجودة على موقع الهيئة العامة للاستعلامات، وإذا كنا لا نستطيع أن نطبع أو ندقق القوانين فهذا أكبر دليل على ما وصل إليه حالنا».
شهد الأسبوع الماضى هجوماً حاداً على عدد من المتنورين المعتدلين جاء فى معظمه من جانب المؤسسات الإعلامية المحسوبة على الدولة والطالبين القرب منها. لكن المفارقة أن يأتى أكثر الهجوم حدة من مؤسسة «الأهرام» العريقة بينما رئيسها نفسه متنور مشهود له بالاعتدال والمهنية ودماثة الخلق وهو الدكتور عبدالمنعم سعيد.
خلال عيد الأضحى طلعت علينا منظمة الصحة العالمية بإحصاء جديد عن أكثر عشر دول فى العالم بدانة، احتلت مصر فيه المركز الخامس بجدارة.
إذا كان الهدف يقع فى الاتجاه الذى يأتى منه التيار فإن من العبث أن تسبح مع التيار. ورغم هذا فإن كثيراً منا يفعل ذلك أساساً لسببين: أولاً لأن السباحة ضد التيار مسألة مرهقة تنضوى على مخاطر، ومن ثم لا يقبل التحدى الذى تفرضه هذه المسألة عادةً سوى قلة، وثانياً لأن السباحة مع الأكثرية تمنح المرء إحساساً، وإن كان إحساساً مزيفاً، بالأمان.
أكتب هذه السطور فى طريق العودة من استاد القاهرة الدولى بعد أن انتهت للتو مباراة مصر والجزائر فلا تتوقعوا أننا سنقترب كثيراً من المنطق، وأكتبها فى كرة القدم فلا تتوقعوا أننا سنبتعد كثيراً عن السياسة.<br>
خرج مع زميلين له من المارينز بعد أحداث 11 سبتمبر إلى أحد الأماكن العامة بأزيائهم العسكرية، عندما اقتربت منهم سيدة ارتسمت على وجهها ابتسامة امتنان: «أريد فقط أن أشكركم على ما تقومون به من خدمة لوطنكم خاصةً فى مثل هذا الوقت».
اتصل بى الأسبوع الماضى بعض الزملاء من جريدة «الصنداى تايمز» اللندنية التى أكتب فيها منذ عام 2002 يستكتبوننى هذه المرة فى مستقبل مصر المباشر على ضوء المؤتمر السنوى للحزب الوطنى الديمقراطى.
غمرنى رد الفعل على قصة البطل الشهيد العقيد طيار محمد عبد الوهاب كريدى التى عرضنا جانباً منها الأسبوع الماضى حباً ووفاءً، وأكد لدىّ إحساساً يتحدى واقعاً صعباً نعيشه جميعاً بأن فى مصر خيراً كثيراً لا يزال.
هذه قصة غير عادية لشهيد غير عادى من أبناء القوات الجوية المصرية حصل باستحقاق لأول مرة فى تاريخ العسكرية المصرية - على نوط الشجاعة من الطبقة الأولى عن عمل غير عادى خارج إطار الحرب.
هذه النوعية من الكتب لا تتصدر عادةً مداخل المكتبات، خاصةً فى أروقة المطارات، وبصفة أكثر خصوصية فى مطار كمطار جون كينيدى فى نيويورك، لكنّ كتاباً يحمل عنواناً ثقيلاً هو «صعود إيران النووية: كيف تتحدى طهران الغرب» يتخذ على غير العادة موقعه إلى جوار قوالب الشيكولاتة.
«يا لهؤلاء المصريين الفقراء الأغبياء! يعبرون قناة السويس ثم تُنسف الجسور من ورائهم. لابد أن السوريين يهرولون الآن فراراً، أليس كذلك؟».
بينما يتدفق زعماء العالم لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، والتى تركز فى جانب منها على مناخ العالم وما أصابه من تغير، أستعد أنا لمغادرتها، ويستعد الرئيس الأمريكى للتركيز على نوع آخر من المناخ وما أدى إليه من تغير.
من السهل، نعم، لكنه أيضا من المطلوب، أن يركز الناس، وفى مقدمتهم الصحفيون، على «سلبيات» الأداء الحكومى؛ فهذه سمة «ديمقراطية» إذا جاز لنا أن نستعير إحدى مفردات أحمد المغربى، وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، والإنجازات الحقيقية إن لم تستطع الحديث عن نفسها لا تكون إنجازات، فقط الإخفاق لا أب له ولا أم، ولذلك نتبناه.
لأول مرة فى حياتى أرانى ميتاً. أرتدى قميصاً أسود منقّطاً بالأبيض وبنطلوناً رياضياً خفيفاً والشبشب لا يزال فى قدمىّ بينما أنا جالس على الأرض كما يجلس المصلون للتشهد ورأسى فى اتجاه المكتب الذى لم يسعفنى قدرى للوصول إليه.
أشعر بالخجل وأنا أكتب هذه الكلمات الآن فى مساحة كانت مخصصة لمحمود عوض، شرفتْ به أسبوعاً واحداً بعد تطوير شكل الصفحة الأخيرة، وشرفتُ أنا بأن أكون جاره فيها ولو لبضع يوم قبل أن يخطف الموت بدنه. لكننى فى الوقت نفسه أشعر بالفخر وبحجم المسئولية وأدعو الله أن يمكننى من أن أكون عند حسن ظنه.
عندما كتب يسرى فودة مقاله «رجل مهم فى زمن تافه»، مقدماً به الراحل الكبير محمود عوض إلى قراء «اليوم السابع»، قرأ محمود عوض ما كتبه فودة وصمت قليلا، ثم عقب قائلا: هذه مرثيتى، لقد قرأت رثائى وأنا على قيد الحياة، وابتسم ابتسامته التى تدل على المعرفة أكثر مما تدل على الفرح..
أيام غزو العراق.. وكانت أجواء الحادى عشر من سبتمبر لا تزال تمسك بتلابيب العالم، حاول صحفى أمريكى أعرفه جيداً اختراق صفوف الجماعات الإسلامية فى العراق وبعض الدول المجاورة له، لم يطلب مساعدتى ولم تكن لدىّ معرفة على الإطلاق بما كان يفعل، ولكن عندما نشر تحقيقه، وقد كان تحقيقاً جيداً.
سيكون لدى الإسرائيليين استعداد «للتنازل» قليلاً فيما يخص موضوع القدس (بعد عمر طويل) ولن يكون لديهم استعداد «للتنازل» قدر أنملة فيما يخص موضوع عودة اللاجئين على الإطلاق. إنهم يدركون أن غير ذلك يعنى بالمرة التوقيع بأيديهم على نهاية دولة إسرائيل عملياً على أرض الواقع.
لأن الله جبل النفس البشرية على التعاطف مع المظلوم فإن إحدى مشكلات إسرائيل اليوم أن معظم خلق الله، بمن فيهم الغرب، لم يعد يرى فيها «ضحية».. أما الحل من وجهة نظر من نعرفهم الآن باسم Spin Doctors.
عندما وصلت أنباء الحادى عشر من سبتمبر إلى جو مور، المتحدثة باسم الحكومة البريطانية، لمعت فى ذهنها فجأة فكرة مثيرة عبرت عنها فى اتصال داخلى..
المصطلح الإنجليزى Spin Doctoring مصطلح مازلنا نعانى كى نجد له مقابلاً فى اللغة العربية، ومازلنا نحتاج فى سبيل شرحه إلى جملة طويلة من هذا القبيل: هو عملية يقوم فى إطارها أحد المغرضين بالتعامل مع حدث أو مجموعة من الأحداث أو مع معلومة أو مجموعة من المعلومات التى تهم الرأى العام بطريقة خاصة .