أقل من العام بقليل، هو ما استغرقه الإعداد للقناة الوليدة «تليفزيون ON»، احتاج الأمر للكثير من الجهد فى التفكير والتنفيذ، لكن المؤكد أن ذكاء توقيت لحظة الانطلاق، سيمنح هذه القناة تعاطفًا شعبيًا لن تخسره بسهولة.
السادس من أكتوبر، والثانية عصرًا، ليس عرفانًا للحظة النصر وحسب، وإنما رسالة واضحة، بأن عبورًا ما، نحن -صناع القناة - قادرون على إنجازه، التوقيت الذى فاجأ الجميع، لا يمكن توصيفه إلا بالعامية المصرية والتى تعتمدها باقة O نفسها كلغة رسمية - لقد قامت القناة «بخطفنا» نحن المشاهدين، لتطلق فى اللحظة التى أتم فيها العبور عامه الخامس والثلاثين، بانوراما كاملة: قوية ومتماسكة، تعيد لهذه اللحظة قيمتها ومعناها بعيدًا عن اختزالها فى أشخاص أو بطولات فردية، وتهديها إلى أصحابها الحقيقيين الذين تكاتفوا لصنعها، وتمنح جيلاً كاملاً ولد بعيدًا عنها، كل ما يمكن أن يعرفه عن آخر انتصاراتنا التاريخية.
أكتوبر.. الشهر الذى شهد العبور، هو نفسه الذى يشهد مولد قناة مصرية، وربما أن اختيار الخروج بالبث التجريبى، كان القصد منه اللحاق بأكتوبر، وكأن صناعها يريدون التوكيد على الذكرى المصرية الخالصة، والتى بات احتفال شاشتنا الرسمية بها محض تراث لا أكثر، يستدعى من السخرية الجيل الجديد، أكثر ما يستدعى من اهتمامه أو إعجابه.
وكما كانت OTV، القناة المصرية الأولى، التى تصر على الإغراق فى المصرية بكل عنصر فيها، تأتى ON، لتكمل فى الطريق نفسه، برغم الاختلاف الجوهرى فى طبيعة الشاشتين، إلا أن استخدام العامية لايزال هو المتبع فى القناة الوليدة، التى تعتمد البرامج الجادة، وبذا تكون هى المرة الأولى من نوعها، التى يتم الفصل فيها ما بين الإغراق فى الفصحى ومنح شاشة طبيعة جادة، وبحسب قوة ON - التى ستختبرها الأيام القادمة - ستكون قادرة على جذب مشاهد عربى، يرى شاشة ملونة بالعامية المصرية، لينكسر إلى غير رجعة تلوين الشاشات العربية باللهجة اللبنانية.
البث التجريبى لـON والذى سيستمر غالبًا حتى نهاية العام الحالى، ليس كافيًا للحكم عليها، لأن البث الرسمى سيكون وحده الامتحان الحقيقى لقدرة المصريين على صنع قناة إخبارية جادة، بعيدًا عن الوصاية الحكومية، والذكاء الذى أفلت بالقناة لترى النور، سيكون غالبًا قادرًا على منحها قوة الاستمرار فى منافسات الشاشات الأقدم، الجزيرة والعربية.
مرة أخرى وبرغم الاختلاف الشديد بين شاشتى O وON إلا أن قدرة هذه الباقة على إثارة الجدل لا تنتهى، فهى لا تتبع أسلوب المواربة، هى تفعل ما تريد بكل ثقة فى قدرتها على جذب الانتباه، أثارت O الجدل باستخدامها العامية فى نشرات الأخبار الخفيفة، انتهت المعارضات واستمرت القناة فى نهجها الذى اعتاده المشاهد، ON ستفعل أكثر من ذلك بجرأة تفرضها عليها طبيعتها التى تدخل بها المناطق المحظورة.
«المصريون قادمون».. رسالة أطلقتها ON، وستصل بالتأكيد.