«خللى السلاح صاحى»، عفواً..المقصود هنا ليس السلاح الذى نعرفه، بل هو سلاح من نوعٍ آخر!! «يا وردة يا بلدى».. وصف عذب، كان طبيعيا أن ينساب من تابلوه راقص فى أحد أفلام الستينيات، هكذا كان اعتداد المصرى بمفرداته ، هكذا كان يحترمها.
وأغنياتنا الوطنية هى من أعز ما نملكه فى تاريخنا خاصةً بعد توقف آلية خلق هذه الأغنيات للأسف، والمدهش إلى حد الألم هو كيف واتت الجرأة صناع أحد الإعلانات للاستعانة بلحن واحدة من أجمل أغنياتنا الوطنية تلك، لصنع إعلان يتعلق بمقو جنسى؟!، الأغنية هى «خللى السلاح صاحى»، والمسألة ليست صعبة الاكتشاف على الإطلاق، بمجرد سماع أولى نغمات اللحن المصاحب للإعلان، والمنفذ بتوزيع مبهج، يجذب الانتباه، وسيناريو شيق، ستتعرف إلى الأغنية بسهولة، ما يصعب توقعه هو السلعة المعلن عنها، وهو ما يتضح فى نهاية الإعلان!.
قد يدعو الأمر للابتسام للوهلة الأولى، فالمفارقة خفيفة الدم، لكن إذا كنا نمتلك ذرة واحدة من الغيرة الوطنية، فلا بد أن الأمر سينقلب بعدها إلى ازدراء. وإذا كانت أجيال مثلنا ستنتبه إلى أن اللحن، هو للأغنية الوطنية الشهيرة، فالمؤكد أن الجيل الحالى من المراهقين والواقفين على أعتاب الشباب، لن يكتشفوا ذلك، وسيكون الربط فى ذاكرتهم هو بين الإعلان المعلن واللحن! ولا نستبعد أنه فى حال استماعهم إلى الأغنية بمحض الصدفة سيعتقدون أن لحنها مسروق من الخلفية الموسيقية للإعلان!
وإذا بلغ العجز بالمبدع - أو المفترض كونه كذلك - درجة عدم قدرته على وضع لحن جديد، لإعلان لا يتجاوز عدة ثوان، أو إذا كان الأمر هو نوع من الاستسهال لا أكثر، فإن هذا الإعلان يطرح لمرة جديدة الحق فى استغلال الأعمال القديمة، خاصةً إذا كان بهذا الشكل المشين.
وللأسف ففى الوقت الذى تحاول فيه حملات إعلانية كتلك الموجهة إلى المواطنين العراقيين، استنهاض الروح الوطنية فيهم وإحياء ولائهم للعراق الواحد، بتوظيف مفردات عراقية صميمة تحاول إحياء الإحساس بالمواطنة على رأسها نشيدهم القومى، يأتى الإعلان الذى يستغل لحن «خللى السلاح صاحى» ليفعل العكس، فيستبيح تراثا إن لم نحافظ عليه، على الأقل لا ننتهكه، كى لا نصبح محل سخرية الجميع فى فضاء لا يعرف حدوداً ولا يرحم.