جرعة ثقافية وتاريخية مكثفة عن الوطن، تحصل عليها فى دقيقتين لا أكثر، بمشاهدة سلسلة طويلة من الأفلام الوثائقية القصيرة، تعرضها قناة ON، السلسلة التى لا تحمل اسماً معيناً، تذيعها القناة منذ بداية بثها التجريبى، ويذاع فى اليوم الواحد أكثر من فيلم كفواصل بين البرامج، ففى يوم واحد قد تنتقل من «حى الماكس» فى الإسكندرية، إلى مدينة منف الفرعونية، مروراً بـ«معبد الكرنك».
يتميز سيناريو الفيلم بالإيقاع السريع جداً، حيث يقدم من خلال صورة بصرية سريعة ومنتقاة، وتعليق صوتى مكثف وحميمى مع خلفية موسيقية مناسبة، جرعة كبيرة من المعلومات حول موضوع الفيلم، ولا نبالغ إذا قلنا إن هذه السلسلة من أبرز ما أنتجته القناة الوليدة حتى الآن، شكلاً وموضوعاً، رؤية متكاملة للهدف، وحرفية فى التنفيذ، وفى حال استمرارها ستقدم بانواراما متكاملة عن مصر، بإيقاع يناسب مشاهدا شابا لا يدفعه فضوله إلى مشاهدة فيلم مدته ساعة أو نصف، إلا أن هذه الأفلام تفتقر إلى نسق يحكم مواعيد إذاعتها، فليس من المقنع أبداً إذاعة ثلاثة أفلام فى ساعة واحدة، مهما كانت جذابة، فالتكرار يسبب الملل دوماً، كما أن المشاهد لا يفترض امتلاكه لجدول البث ليتوقع متى سيشاهد الفيلم إذا كان من هواة متابعة هذه النوعية، ومن الممكن مثلاً بثها على رأس الساعة، أو غيرها من الإيقاعات الواضحة للمشاهد.
لكن القيمة الحقيقية لهذه السلسلة تدركها إذا شاهدت الأفلام التى تستهدف تقديم مصر، على الفضائية المصرية، وكذا الأولى التى تذاع على النايل سات، أغلب الأفلام إنتاجها قديم، لا تتميز بجاذبية حقيقية تحرض غير المهتمين على متابعتها، فالصورة غير براقة، ومدة الفيلم الواحد لا تقل عن نصف الساعة، وهذا لا يناسب مشاهدا يستهدف بالأساس الأفلام الوثائقية، وكمجرد مثال، فيلم تذيعه الأولى بعنوان »مطار مرسى علم الدولى« الفيلم من إنتاج التليفزيون، منذ عدة سنوات، المفترض من عنوان الفيلم أنه يقدم المطار الجديد فى المدينة التى كانت وقتها ناشئة، لكن الفيلم يتحدث عن «مرسى علم» نفسها، بما فيها من نشاطات وإنشاءات، تجاوزها حال المدينة كثيراً الآن، بالإضافة إلى طول الفيلم وموسيقاه التصويرية التى لا تخلق حالة تواصل بينه وبين المشاهد، فى النهاية.. الفيلم لا يحرض على المتابعة، فالرؤية لدى صناعه لم تكن واضحة منذ البداية : لماذا ننتجه؟! لكن يبقى السؤال المناسب طول الوقت: لماذا نذيعه؟.