لم يكن برنامج «الحياة اليوم» موفقاً، حين أفرد واحدة من أهم فقرات حلقاته الأسبوع الماضى، للفتوى التى أطلقها مفتى السعودية، حول جواز زواج ابنة العاشرة، ولو أن المسألة تبدو مغرية إعلامياً، فقد تجذب أنظار المشاهدين أو تحثهم على البقاء فترةً أطول أمام البرنامج وسط المنافسة المسائية العاتية؛ إلا أن تناول الفقرة فى بداية الحلقة لم يمنحها قوة، قدر ما منح المشاهد استفزازاً!
الفتوى نفسها لافتة، وبدأ بها البرنامج فقراته، مما أنبأ ببداية لحلقة تشهد كثيراً من الجدل، وتناولها بدا منطقياً للغاية، فقد جرى الاتصال بالدكتورة «سعاد صالح» التى اعتبرت أن الأمر لا يجوز، واستنكرت بشكلٍ عام كل ما جاء بالفتوى التى لا تليق، حتى الآن والأمر يبدو عادياً، حتى جاء الاتصال بأستاذ للشريعة، هو وكيل لإحدى كليات الحقوق، والذى اعتبر أن الفتوى سليمة من الناحية الشرعية!.
أبدى «شريف عامر» اندهاشه الشديد، واستمر فى مناقشة أستاذ الشريعة، الذى يدرس القانون لرجال القانون القادمين، وبدت الصورة كلها مخجلة، فالامتعاض الذى قد يرافق المشاهد بداية الحلقة حين يعرف بالفتوى التى تأتى من رجل دين، يمنح للغرب مجاناً صورةً شديدة التخلف عن المجتمعات الإسلامية؛ ربما يقل عن الامتعاض الذى يصاب به المشاهد من كلام أستاذ مصرى للشريعة والقانون، ستسهم آراؤه بشكلٍ أساسى فى تشكيل اعتقادات من سيحكمون فى دعاوى الأحوال الشخصية يوماً ما، وربما سيغيرون القانون ليسمح بزواج من هى فى سن العاشرة!.
أستاذ الشريعة استمر فى الدفاع عن رأيه المنحاز للفتوى، معتبراً أن تجاهل مثلها، هو ما يؤدى لانتشار زيجات تضيع فيها حقوق المرأة!.. المهم أن السجال كله دار تليفونياً، ولو أن مناقشة عميقة فى فقرة مثلها، كان يستحق جلسة يحضرها الضيوف لا أن يديرها المذيع بالهاتف، ليبدو الأمر وكأن جرحاً قد انفتح وحسب، فلا تم تجاهل الفتوى، حتى لا تحصل على »بروبوجاندا » تعطيها بريقاً وانتشاراً، ولا تم تناولها بما يفندها ويظهرها كفقاعة هواء وحسب، والفائز فى النهاية كانت الفتوى التى حازت »تبرير« الأستاذ المصرى!.