محمد الجالى

استقالة منصور..و"صمت" فاروق حسنى!

الخميس، 29 أكتوبر 2009 07:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خرجت الصحف القومية، عقب قبول الرئيس مبارك استقالة الوزير محمد منصور، مهللة بعناوين موحدة، كالعادة تروج لمبدأ سيادة الشعب و"دولة الشعب"، وشعارات براقة من فصيلة "دماء المصريين أغلى من 100وزير"، بينما ذهبت الصحف الخاصة إلى التحليل والبحث فى أسباب ومبررات قبول الرئيس لاستقالة منصور، وهل هى استقالة أم إقالة؟

لا يشغلنى كثيرا هنا طريقة التناول الصحفى لواقعة "منصور"، فالصحف القومية مطالبة بالتصفيق والإشادة دائما لقرارات وأفعال النظام السياسى القائم، وتلك وظيفتها التى لا تُلام عليها، ولو أن الرئيس مبارك مثلا لم يقبل باستقالة وزير النقل عقب كارثة "العياط"، لوجدنا اختلافا كثيرا وتحولا فى طريقة التناول والسرد والعناوين، فربما وجدت مانشيت أحمر على صدر الصفحة الأولى من جريدة الجمهورية، يقول:" مبارك لمنصور..إنت معذور"، ثم يتبعه بعنوان شارح بالبنط الأسود:" الرئيس يرفض استقالة وزير النقل بعد 72 ساعة من كارثة العياط..ويعفيه من المسئولية السياسية..ومنصور يشيد بحكمة مبارك ويجرى تغييرا شاملا فى "السكك الحديدية". وأترك لك أيها القارئ الذكى توقعاتك بوضع عناوين "الأهرام والأخبار وروز اليوسف"، وأظنك مثلى ستكتبها متقاربة متشابهة بنفس الأبناط وعلامات الترقيم!

ويا ليت واقعنا السياسى معلوم الملامح مثل الصحف القومية التى دائما ما يتوقع زملائى ما ستخرج به غدا من عناوين وتحقيقات وصور ومقالات!، لكنه واقع مبهرج وقاتم، أبيض وأسود ورمادى كذلك، مشرق فى خيالنا ومظلم بائس فى يقظتنا وحياتنا الحقيقية، ولو لم يكن كذلك ولو أنى مفتر متجنّ، فما الذى يجعل الرئيس يطيح بوزير مثل محمد منصور بعد حادثة تشابهت فى وزارات عديدة، ويبقى على آخر له انتكاسات متشعبة وسقطات مفجعة مثل وزير الثقافة فاروق حسنى؟

الأول "منصور"، قال لى مقربون منه إنه كان يصرف رواتب مستشاريه الذين جلبهم من شركاته من جيبه الخاص، على عكس كل الوزراء، فالوزارات ملزمة بدفع هذه الرواتب ( لا تنس أن الرجل حمل حقيبة الوزارة وهو "شبعان" أى أنه صاحب شركات وتوكيلات وليس بوسعه الحصول على عمولات من فوق الترابيزة ولا من تحتها)، أيضا يشهد المقربون من الوزير أنه فى عهده زادت مكافآت العمال وبدلاتهم مثل بدل طبيعة العمل، وأحدث نقلة كبيرة فى الموانئ والطرق، إلى جانب تعامله المهذب والمحترم مع الصحفيين والإعلاميين.

أما الثانى الذى كتم على أنفاس وزارة الثقافة والمثقفين أكثر من 22 سنة، فقد شهدت فترة توليه مآسى وفضائح، لعل أكثرها بؤسا حريق مسرح بنى سويف الذى شهد مصرع وإصابة العشرات، فضلا عن شطحات الوزير ومعاركه ضد المثقفين، إلى جانب انتماءاته الشخصية ونزواته فى معركة اليونسكو الأخيرة على حساب القضية القومية.

الأمثلة كثيرة، ويستطيع أقل المراقبين للوضع السياسى المصرى، كتابة معلَّقات عن الفساد الذى اخترق اللحم واستقر فى هيكلنا وينخر فى عظمنا جميعا، يوشك هذا الهيكل أن ينكب على الأرض، لكنه مصلوب مؤقتا مثل سليمان على منسأته، فى انتظار دابة الأرض التى تأكلها فتعلم الجنُّ أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين!

لم أقابل الوزير محمد منصور يوما ولا تربطنى به أى سوابق معرفة، ولا أغطى أخبار وزارته، لذلك قبل أن تتهمنى بأى تهم خبيثة، سيدى القارئ عليك أن تستكشف بنفسك سلبيات وإيجابيات الوزير محمد منصور، وفى المقابل عليك تطبيق نفس الشىء على حكومتنا الإلكترونية من أول رئيس الوزراء وحتى أصغر وزير ووزيرة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة