علا الشافعى

هليوبوليس.. تجربة مختلفة وترثى مصر الليبرالية وتآكل الطبقة المتوسطة

الخميس، 19 نوفمبر 2009 10:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى إطار فعاليات الدورة الـ33 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، عرض فيلم «هليوبوليس» المشارك فى المسابقة العربية، ويعد واحدا من أهم الأفلام التى شهدتها السينما المصرية مؤخرا من حيث الإيقاع والسرد السينمائى الذى اختاره مخرج ومؤلف ومونتير الفيلم أحمد عبد الله السيد باقتصار كل أحداث الفيلم فى حى مصر الجديدة، تحديدا فى الكوربة، حيث اختار يوما فى حياة شخصيات مأزومة لا تتقابل، ولكن يتحركون جميعا فى المنطقة نفسها، وأحيانا يمرون بجوار بعضهم وتتلامس أكتافهم فى الطريق.

نجح الفيلم منذ اللقطات الأولى فى تقديم شخصياته الـ5 والتى تعانى من أزمات يومية متكررة منهم «الطبيب» الذى يجسد دوره هانى عادل، والذى يرغب فى الهجرة، ويسعى لإنهاء أوراقه للحاق بوالدته وشقيقه بكندا، ويعرض شقته فى مصر الجديدة للبيع، ويسعى خطيبان لشرائها لإتمام زواجهما، وخالد أبوالنجا الباحث الذى يقوم بإجراء بحث عن الأقليات فى مصر، ويعانى من قصة حب فاشلة ويذهب إلى ملاقاة سيدة عجوز يهودية تعيش فى مصر الجديدة لتساعده فى بحثه الجامعى تجسد دورها عايدة عبد العزيز وتطلب منه ألا يخبر جيرانها بأنها يهودية لأنهم لا يعرفون ذلك، وأيضا حنان مطاوع التى تطمح فى الهجرة إلى فرنسا، وتهرب من منزل أهلها فى طنطا، وتكتفى بإرسالها جوابات تؤكد لهم فيها أنها تعمل فى باريس، رغم أنها تعمل فى فندق متواضع بالكوربة، والعسكرى الذى يجسد دوره محمد بريقع ويحرس إحدى بنايات الكوربة لا ينطق بكلمة، يقضى يومه كله فى كابينته، يستمع إلى إحدى إذاعات الراديو، مكتفيا بمصادقة كلب من كلاب الشوارع، لينتهى الفيلم بالشخصيات جميعا تعود لمنازلها لاستكمال حياتها اليومية، ومنهم من يتقوقع فى سريره أو يلف سيجارة حشيش ويواصل حلمه المحبط، أو يستقبل الصباح بيأس او يتناول زجاجة بيرة.

الفيلم يؤكد ميلاد مخرج موهوب أحمد عبد الله، يملك إيقاعا وإحساسا مختلفا، ورغم حالة الإحساس باليأس المصاحب لأغلب شخصيات العمل، إلا أن الفيلم يضج بالحياة، ويرثى مصر الليبرالية، والطبقة المتوسطة التى تتآكل يوما بعد يوم، ومصر الجديدة التى تتراجع ويختفى معمارها الجميل مثلها مثل مصر.

وأجاد المخرج اختيار شريط الصوت لأغانى الفيلم وامتلك أحمد أيضا شجاعة إعطاء الشخصية المسيحية مساحة على الشاشة برقة شديدة، كما استعان ضمن شريط الصوت بجزء من الترانيم.

كما أجاد كل أبطال الفيلم أداء أدوارهم ومنهم خالد أبوالنجا الذى تمكن من الإلمام بروح الشخصية وأفعاله وتلقائيته فى حدود الدور، وكل من آية سليمان ويسرا اللوزى وحنان مطاوع وسمية الجوينى ومحمد بريقع.

فواصل
- يستحق المخرج شريف مندور منتج الفيلم التحية لتبنيه هذه النوعية من التجارب السينمائية المختلفة، التى تساعد على بث الروح فى السينما بعيدا عن السينما التجارية، وسبق له تقديم فيلم «عين شمس» للمخرج إبراهيم البطوط.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة