لم أصادف يوما المخرج السينمائى أحمد صالح وكل ما أعرفه عنه هو بدايته الفنية كمونتير شديد التميز يعمل فى شركة الشقيقان شريف عرفة وعمرو عرفة «فاينال كات» ومن خلاله نمت علاقته بالنجم أحمد السقا، وكاتب السيناريو حازم الحديدى فقدموا معا فيلم «حرب أطاليا» كتجربة روائية طويلة له، حققت إيرادات ونجاحا، بعدها بدأ أحمد يستعد لفيلمه الروائى «الديلر» بطولة أحمد السقا وخالد النبوى.
وأحمد صالح مخرج موهوب يمتلك إحساسا وإيقاعا نظرا لقدومه من المونتاج إلى الإخراج، وتابعت كل ما نشر عن خلافاته مع المنتج محمد حسن رمزى والذى وجد أن صالح أهدر الكثير من الوقت والمال وحمله السبب الرئيسى فى عدم إنجاز «الديلر» حتى الآن، ورد عليه أحمد ردودا مقنعة حسب ما يرى، وإلى هنا وهذا مجرد خلاف عادى ممكن أن يحدث بين منتج ومخرج.
ولكن ما أقدمت عليه الشركة المنتجة «المجموعة المتحدة» متمثلة فى كل من محمد حسن رمزى، وهشام عبد الخالق، ووائل عبد الله هو إصدار بيان يؤكدون فيه أنهم قرروا منع المخرج من استكمال تصوير فيلمه، على أن يقوم مساعد المخرج أو مخرج مصرى باستكمال الفيلم وذلك بحجة قطع العلاقات الفنية، بعد أحداث الشغب الجزائرى التى وقعت من بعض المتعصبين الجزائريين وإساءتهم للجمهور المصرى فى السودان عقب مباراة كرة القدم بين منتخبى مصر والجزائر -ولا أعرف تحت أى مسمى قاموا بذلك هل هذه هى الوطنية من وجهة نظرهم أم أن ما يحدث هو «التزايد» بكل أنواعه- فما قامت به المجموعة الفنية يستحق أن نصفه بأنه شىء لا يصدقه عقل، أو «عكل» على رأى الفنانة شويكار فى إحدى مسرحياتها.
منذ متى كان يدخل الفن فى علاقات الشعوب، ومنذ متى كان الفن يفرق ولا يجمع دائما ما نقول بأنه لا جنسية فى الفن وأن مصر هى هوليوود الشرق التى تحتوى الجميع وتقدمهم، باتت اليوم طاردة لهم، والغريبة أن نفس هذه الأسماء وقفت ضد أشرف ذكى نقيب الممثلين عندما طالب بعدم عمل الممثلين العرب فى مصر وتشدقوا بمصر ودورها الريادى، وضربوا أمثلة بصباح وفريد الأطرش والمنتجة آسيا والذين نسينا جنسيتهم لأنهم بالأساس فنانون وموهوبون والأساس هو الإبداع وليسوا مجرد جوازات سفر.
ما حدث مع أحمد صالح هو ضد كل القواعد المهنية والإنسانية، حيث وجد نفسه مضطرا لأن يرفع جواز سفره المصرى أمام الجميع ليؤكد «أنا مصرى» وأحمل جواز سفر مصريا قائلا: صحيح أن والدى له أصول جزائرية.. لكن والدتى مصرية، ولم أزر الجزائر سوى مرتين فقط فى حياتى، فأعمامى جزائريون وأخوالى مصريون، والولد لخاله كما يقول المثل المصرى، ويبدو هنا أن المسألة ليس لها علاقة بالوطنية بقدر ما أن الشركة المنتجة وجدت الفرصة سانحة للتخلص من المخرج الذى أصبح بالنسبة لهم كثير المشاكل.