يا أغلى البلاد يا بلادى..
لماذا لا نتذكر مصر.. إلا عند طلوع الروح؟!
ولماذا نحتاج لمباراة كرة قدم، كى نفتح أرشيفا يحوى من الأغنيات الوطنية ما إن سمعه الشباب، لـ«هدوا الجبال» لأجل مصر؟
التفسير الوحيد، هو أن مصر هنا مجرد وسيلة تبررها الغاية، لا مصر مهمة ولا المصريين، لكن بما أن الموضة اليومين دول هى الوطنية، فلتنطلق الأغنيات، القديم منها والجديد، الأصلى والمستنسخ، فجأة تحولت الشاشات بلا استثناء تقريباً إلى ألوان العلم المصرى، بلا تخطيط ولا رؤية مسبقة، ونظراً للتطور السريع للأحداث المؤسفة المتعلقة بموقعة مصر والجزائر، فقد تفاقم الإحساس بالوطنية، والموضوع «كبر»، والنتيجة هى مبالغة غير مسبوقة، فى تقديم تصور عن الوطنية باعتبارها ماتش كورة مش أكتر!
وكأن مصر ظهرت من العدم!، فليجبنى عاقل: لماذا تذكرت المحطات التليفزيونية مصر فجأة؟، غالبا تماشيا مع الحدث، تمام.. لكن الخروج إلى الهواء ليس بهذه السهولة، الفضاء التليفزيونى مسئولية أكبر من ذلك، وعندما نخبر المشاهدين أن الوطن ما هو إلا كرة كبيرة، ماذا ننتظر حينها من جيل لم يعرف من الوطن أصلاً ما هو إيجابى، وظل حلمه بالتحقق وارتباطه بالوطن من خلال خيط تصل نهايته إلى استاد كرة، وجيل أكبر تطحنه الحياة فلا يعنيه من الوطن أصلاً حتى مباراة كرة قدم.
«راحت السكرة، وجاءت الفكرة» هكذا يقول أهل الصعيد، وبمعنى آخر «انفض المولد» فلنعد حساباتنا: كيف نقدم أنفسنا على شاشات صار الفضاء يتسع لها أكثر مما كنا نتصور؟ كيف نقدم مصر كما نحبها ونفخر بها؟ مصر نعتز بها كثيراً ونؤكد ذلك مراراً وتكراراً، فالاعتزاز بالوطن مهمة يومية وليست موسمية، كيف نصنع إعلاما غير هادف للربح وحسب، إعلاما يبنى إنسانا يعى معنى الوطن، ويعرف تاريخ بلده وقدرها حقا؟. هذه هى الأسئلة التى لا بد أن نبدأ البحث عن إجابة لها، كى لا تكون برامجنا مجرد رد فعل حتى ولو كان دفاعا عن الوطن، مصر تستحق منا أكثر من ذلك، تستحق إعلاميين يعرفون عما يتحدثون حين ينطقون باسمها، وتستحق شاشات تفسح مساحات أكبر لعرض كل ما هو إيجابى عن مصر وكل ما هو جميل فيها.
الآتى هو الأهم والأجدى، فكم من الوقت يحتاجه القائمون على صناعة الإعلام المصرى الخاص والعام لا أستثنى منهم أحدا ليدركوا أن مصر ليست داخل الاستاد وحسب.. مصر خارج الاستاد أيضا؟