فى كل مرة يصعد فيها إلى المسرح يحصد تصفيقا عاليا وشديدا من شباب السينما الخليجية من مخرجين وكتاب وممثلين وفنيين، يشعرون بامتنان لجهوده الدؤوبة فى إرساء دعائم تأسيس نواة سينمائية خليجية.
إنه مسعود أمر الله، الهادئ دوما، وصاحب الصوت المنخفض، فهو لا يتكلم كثيرا بل دائم الاستماع، دائم التفكير فى تطوير وإفادة كل من حوله.. فى بداية حلمه سمع الناس من حوله يتهامسون، ويتحدثون عن كيفية تفكيره فى تأسيس سينما فى الخليج، ولا يوجد جمهور أو دعائم لصناعة حقيقية، إلا أن الذين شككوا فى وجهة نظره، تراجعوا إلى خلفية الكادر حاليا بعضهم غير مصدق ما أنجزه والبعض الآخر لا يملك سوى التصفيق.
راهن مسعود على حلمه، ونجح فى تأسيس تظاهرتين سينمائيتين تحتضنا أحلام الشباب الخليجى الحالم بالسينما، وهما مسابقة أفلام الإمارات، ومهرجان الخليج اللذان يساعدان على توليد تجارب شابة، تتراكم وتتراكم حتى تصبح للتجربة ملامحها الخاصة، ولم يخذل أحدا أو يتعالى على أحد، بل فتح الباب على مصراعيه للمشاركات وشجع الكثيرين على العمل، ولم يرفض إدخال أفلام كان يرى البعض أنها تستحق التنافس.
وها هو اليوم يجنى الثمار، وأصبحت هناك تجارب أكثر احترافية، وجمهور سينمائى يملأ القاعات، وشباب لا يتوقف عن السعى وتطوير نفسه ومنهم نواف الجناحى، خالد المحمود، عبدالله حسن، وغيرهم كثيرون.
مسعود أمر الله درس السينما منذ 30 عاما، أى عندما كان الحديث عن السينما فى الخليج أو إنجاز أفلام خليجية درب من الجنون مجرد، ولأنه فى الأصل شاعر، يعرف كيف يحلم وأن الحلم ليس عيبًا بل هو أول الطريق للتحقق.. حلِم مسعود أمر الله ورفض وتشكيك الآخرين فى حلمه، وواصل العمل دون توقف ولم تثنيه العقبات عن عزمه وأبدا لم يتراجع.. وعندما حقق حلمه فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى بتقديم فيلمه الروائى الأول القصير، لم يعرف الطريق لإقناع الجمهور الخليجى ومن حوله بذلك النوع السينمائى خصوصا أن السينما الأمريكية كانت صاحبة الصوت الأعلى فى الإمارات.
ولكن بعد ذلك نجح ومعه مجموعة من الشباب الواعى والعاشق للسينما بإخلاص، والذين درسوا السينما فى مختلف العواصم العالمية، واستطاع أن يخلق ثورة سينمائية حقيقية اتضحت ملامحها فى الدورة الثانية لمهرجان الخليج، فمن كان يصدق أن اليوم سيأتى لنشاهد تجارب سعودية وإماراتية وكويتية وعمانية وبحرينية، رغم أن كل دولة كانت بها تجارب فردية، ولكن أمر الله استطاع توحيد تلك الجهود، وتجميع الشباب فى الإمارات ثم الدول الخليجية وهذا قدر الرواد الذين يبذلون الجهود والعطاء لأجل الآخرين، ورغم أن مسعود هو الأب الروحى لشباب السينما الخليجية، فإنه لم ينس فى هذه الدورة، تكريم الرواد أصحاب التجارب السينمائية فى الخليج مثل المخرج الكويتى خالد الصديق، وعبدالرحمن الصالح وخليفة شاهين.
هناك بشر يضعهم القدر ليكونوا آباء روحيين، لكن مسعود أمر الله اختار بإرادته أن يكون أبا روحيا للسينما الخليجية.