أن تكسب جولة فى النقاش ليس بالأمر السهل؛ إذا كان من يحاورك هو المحنك «محمود سعد»، لكن إن كان الضيف هو السيناريست «وحيد حامد»، هنا يصبح الأمر أكثر تشويقاً.. للمشاهد.
حلقة «البيت بيتك» التى استضاف فيها «سعد» السيناريست الكبير، وكان محور الحديث يدور حول مسلسله القادم عن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين «حسن البنا»؛ تناولت أكثر مما كان متوقعاً عن الشأن العام فى مصر، بلغة نقاش راقية، قلما نجدها فى برنامج حوارى هذه الأيام؛ ولكن ما إن تحولت دفة الحديث نحو «البنا» وجماعته، حتى بدأ المؤشر يميل، نحو ما بدا كرغبة لم يتوجها التوفيق فى استفزاز «وحيد حامد»، وتوريطه فى الهجوم على الجماعة، وهو المنحى نفسه، الذى اتخذه التناول الإعلامى للحديث عن المسلسل الذى لم يخرج للنور بعد.
المحاولات المتكررة للضغط على «حامد»، فى سبيل أن يعلن أكثر مما يتحمله موقفه ككاتب للمسلسل، باءت بالفشل، فقد أصر طوال الوقت، وبتركيز شديد على أن يكرر موقفا واضحا ومحددا، باعتباره كاتبا يتحرى الدقة فيما يكتب، ويستهدف الموضوعية، لكنه برغم ذلك يملك رؤية تخصه، ومن حقه أن ينتهجها فى العمل الذى يكتبه.
لم يقع «حامد» أيضاً فى فخ التصريح بما يحمله المسلسل من جديد، غير معروف عادةً عن تاريخ جماعة الإخوان، فحول الدفة لصالحه، حيث أوحى للمشاهد بأن هناك مفاجآت يحملها المسلسل، تستحق أن يخفيها، كى لا يفقد عنصر المفاجأة والتشويق، وربما كى يؤجل الهجوم المتوقع بالتأكيد.
المدهش.. أنه برغم الحديث الممتع والشيق فى حد ذاته، والسجال حول حال الناس فى مصر، والنقاش حول جماعة سياسية هى شديدة التأثير فى الواقع المصرى أمس واليوم، ما يعنى إضافة صحفية حقيقية لحلقة تليفزيونية؛ إلا أن «محمود سعد» ظل مصراً حتى اللحظة الأخيرة، على أن يقتنص من فم «حامد» هجوماً صريحاً على الإخوان، تحمله صفحات الصحف فى اليوم التالى، وكأن كل ما قاله «حامد»، وأعلنه من نقد صريح لمنهجها فى خلط الدين بالسياسة، والأهداف غير المعلنة، وغيرها من مواطن الهجوم غير كاف.
ليس هذا غريباً على إعلام اعتاد تبادل النيران بدلاً من المقارعة بالحجة.. لكنه لا يليق بالأستاذ «سعد».