كنا صغارا، وكان الواحد منا يذهب إلى المدرسة ومعه الساندوتشات، وبمجرد أن يعرف زملاء الفصل أن معه لانشون أو بسطرمة، يتحلقون حوله، ويقولون له:
- حرام، دى معمولة من لحم الخنزير.
حتى يكره أكله وشربه وعيشته، فيتخلى عن الساندوتشات، فيأخذونها منه ويأكلونها هم.
الأطفال أحباب الله، ولأن هيفاء وهبى تحب عمل الخير غنت لهم أغنيتها الشهيرة: «بوس الواوا يح»، وحين سمعت وزارة الصحة بالأغنية أصدرت قرارا بمنع «البوس» لأنه ينقل العدوى بأنفلونزا الخنازير، مما يتسبب فى حدوث الواوا مستقبلا، وقررت إعدام كل الخنازير، وإن كانت لم توضح ماذا ستفعل بمن يخرق قرار حظر البوس، ولم توضح أيضا كيف تنقل القبلات المرض، وهل يشترط فى القُبلة لكى تنقل المرض أن تكون بين إنسان وخنزير أم لا؟
النجمة العالمية «بيرجيت باردو» لا تعرف هيفاء وهبى ولا أغنيتها، وربما لا تفهم المغزى الواضح من كلمة الواوا، لكنها تجرأت واعترضت على قرار الحكومة بإعدام الخنازير، طبعا لأنها لا تسكن فى مصر، بل إنها تجاوزت وأرسلت خطابا للرئيس شخصيا على عنوان منزله، وصفت فيه القرار بأنه «جبان»، وفى هذا الصدد لا نملك إلا أن نقول لها: كده باردو يا باردو؟
قديما كان الإنسان وحده هو الذى يصاب بالأنفلونزا فيشرب شايا بليمون، ويأخذ مجموعة، وتعمل له زوجته كمادات، أما الآن فقد تغير الزمن، أصيب الدجاج والخنازير بالأنفلونزا، فلم يعد الشاى بالليمون مجديا، واستبدلت الكمادات بالكمامات، ونحن كبرنا، وحين تزوج البعض منا ليستمتع بالحياة منعوا «البوس»، حتى هيفا التى كانت منتهى طموح كل أعزب تزوجت، وارتفع سعر اللانشون، وأصبحت البسطرمة تباع بالتُّمن كيلو، وقد رفعت منظمة الصحة العالمية درجة الخطورة إلى «خمسة»، ورفعت وزارة الصحة الخطورة إلى «ونص إلا خمسة».
الكمامة إذن هى الحل، كل سكان العالم ارتدوا الكمامات، وتصوروا بها ليطلعوا فى التليفزيون، أما لدينا فالتليفزيونات مقصرة فى عملها، لهذا لم تصور المواطنين وهم يختبئون خلف الكمامات، والكمامة الوحيدة التى رأيتها فى مصر بعد انتشار المرض كانت فى الجيزة، حيث كتب أحد المواطنين أمام منزله: رجاء عدم إلقاء الزبالة هنا ووضعها فى صندوق «الكمامة» آخر الشارع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة