د. سهير عبد الفتاح

آمال ماهر تهرب من أم كلثوم

الخميس، 11 يونيو 2009 09:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى آخر الثمانينيات كنت أعمل فى الهيئة العامة لقصور الثقافة، حين زارتنا فتاة صيغرة ترتدى الزى المدرسى بصحبة والدها، أو ربما عمها، لتسمعنا صوتها، وكنا مجموعة من العاملين فى الهيئة، تجمعنا فى مكتب واحد لنسمع هذه الفنانة الصغيرة.

لم نلاحظ فى البداية جمال وقوة صوتها الذى منعه الخجل من الانطلاق لكننا رأيناها بعد عدة دقائق تتمالك نفسها وتتحكم فى صوتها، وهى تغنى «أنت فاكرانى» من كلمات أحمد رامى وألحان محمد القصبجى.

كيف استطاعت هذه الفتاة الصغيرة ذات الثلاثة عشر ربيعا أن تسيطر على جميع الحاضرين، وتضعهم فى حالة من البهجة العارمة؟

كان صوتها الجميل بالنسبة لنا مفاجأة مذهلة، لم نكن نتوقعها فى زمن الأصوات الضعيفة الهشة، كان صوتها الجميل يتنقل بين النغمات الصعبة بسهولة ويسر وجمال، وقررنا أن تكون آمال ماهر نجمة السرادق الذى كانت تقيمه الثقافة الجماهرية فى حى السيدة زينب فى رمضان، الذى كان آنذاك على الأبواب، فى هذا السرادق وفى حى السيدة زينب ووسط جمهور شعبى عريق ومتذوق، حققت آمال ماهر بأغانى أم كلثوم وبألحان أساطين الملحنين نجاحاً مدوياً ومن هذا الحى العريق ووسط هذا الجمهور، انطلقت آمال ماهر تحقق النجاح تلو النجاح.

كانت أغانى أم كلثوم بألحانها الصعبة المتقنة، تمارين لصوتها الغض كانت تؤديها بتمكن وفهم وإحساس عال، بمقامات ونغمات الموسيقى العربية وإيقاعاتها المتنوعة، ولكنها كانت حريصة على الابتعاد عن التقليد، وعلى أن يكون لها أسلوبها المميز، دون المساس باللحن الأصلى ولهذا أحبها الجمهور وانتظر منها الكثير، خاصة بعد أن رآها تجتهد فى دراسة أصول وقواعد الموسيقى والغناء العربى، على يد أساتذة مختصين وعلى رأسهم عمار الشريعى الذى لعب دوراً مهماً فى حياتها الفنية، لأنه دربها على الأصول والقواعد الأساسية بالإضافة إلى أساليب الغناء الحديثة المنتشرة فى سوق الغناء الحديث. فهو يلحن للمغنين الشباب ومنهم من لا يتعدى صوته طبقة الكلام العادى، وطبعاً عندما يلحن عمار الشريعى لهؤلاء، لا يجهد نفسه كثيراً والسبب معروف.

وفجأة حدث تحول غير مفهوم فى مسيرة آمال ماهر الفنية، وذلك حين قدمت فى العام الماضى ألبوم «أسألنى أنا»، الذى ضم مجموعة من الأغانى القصيرة ذات الإيقاع السريع، فى محاولة لمنافسة أبناء جيلها من أصحاب الأصوات المتواضعة!

لقد أحبها الجمهور الذى كان يرى فيها امتدادا للغناء العربى الأصيل، لكنها ضحت بهذا الجمهور، فهل استطاعت أن تكسب جمهور الموجة الجديدة، هل استطاعت أن تنافس الاستعراضات المنبهرة، والملابس العارية، وغيرها من التقاليع التى يلجأ إليها زملاؤها وزميلاتها من نجوم الموجة الجديدة؟

هذا هو السؤال الذى أطرحه على آمال ماهرا بعد أن استمعت إلى أغانيها الجديدة، فوجدت صوتاً متردداً حزيناً، ذكرنى بصوتها الخجول المكتوم الذى سمعته فى الثقافة الجماهرية، حين بدأت الغناء فمتى تتمالك نفسها، ويستعيد صوتها قوته وجماله؟.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة