إذا لم تثق فى طبيب ما، فليس من حق أى جهة فى العالم أن تجبرك أن تُعالَج على يده حتى إن كان عبقريا. إذا لم تثق فى محامٍ ما، فليس من حق أى جهة فى العالم أن تجبرك أن يتولى هذا المحامى الدفاع عنك وتمثيلك رسمياً؛ فالأمر متعلق بمصالحك المباشرة.
انطلاقاً من هذا المبدأ، حريتى وحريتك وحرية كل فرد فى اختيار مَن يمثله، أتعجب «لكوتة المرأة» فى مجلس الشعب. ماذا لو أن رجلاً أكفأ من امرأة فى دائرة من الدوائر المخصصة للمرأة؟ وماذا لو أن أهل الدائرة واثقون وراغبون فى رجل معين ليمثلهم دوناً عن السيدات المرشحات فى تلك الدائرة؟ هل عليهم الانتظار لمدة عشر سنوات (الفترة المقررة لتطبيق الكوتة)؟ أم عليهم أن يجربوا حظهم وحظ السيدات المرشحات ويتوجهوا غير مقتنعين إلى صناديق الانتخاب؟ وإن فعلوا ذلك وأحبطتهم المرأة المُنتخبة فى حال لم تكن الأجدر والأصلح، ألن يقضى ذلك على ما يحمله المجتمع فى بعض شرائحه وفئاته من ثقة قليلة فى المرأة؟ جميل أن تكون المرأة ممثلة، وبكثافة فى البرلمان ولكن لماذا؟ لثقة الناس فيها كممثلة عنهم قادرة على تحقيق مصالحهم والحصول على حقوقهم. وكيف؟ بعملها ونضالها لتنال هذه الثقة، ولا أعنى نضالاً ضد الرجل أو لمنافسته ولكن العمل والنضال الذى يبذله أى إنسان، رجل أو امرأة لتحقيق هدف ما، والهدف هنا يجب أن يكون خدمة الناخب وليس الوصول إلى المقعد.
أما لمن يقول أن المرأة عليها خوض المعركة الانتخابية بأسلحة لا تقدر هى على استخدامها أو التصدى لها كالبلطجة وحملات تشويه السمعة والمال فهذا أولاً اعتراف بأن المرأة هشة، وثانياً فى هذا الرأى اعتبار أن عمل النائب البرلمانى حق أو مكافأة وهو فى الأصل مسئولية وواجب يقوم به مَن يملك القدرة على تحقيق مصالح الغير والقوة لخوض المعركة.
فلا أفهم لماذا وعلى ماذا نكافئ المرأة أو أى شريحة من شرائح المجتمع؟ إن كانت هناك عيوب قاتلة فى سير العملية الانتخابية تمنع أصحاب الجدارة من الوصول إلى مقعد البرلمان، فهى عيوب تُصيب النزاهة وحقوق الناخب فى مقتل، قبل أن تصيب المرشح سواء كان امرأة أو رجلا، ومحاربة تلك العيوب يجب أن تكون بتجفيف منابعها ليس بفرض كوتة. إذا نجحت مجموعة كبيرة من السيدات فى تحويل بعض العشوائيات مثلاً إلى أماكن سكنية أكثر احتراماً لآدمية أهلها أو فى تحويل بعض مقالب القمامة إلى حدائق أو محو أمية منطقة سكنية ما..إذا نجحن فى تحقيق إنجاز كبير وتسليط الضوء على ما حققن، أعتقد أن الشارع سيطالب بنفسه بضمهن إلى مجلس الشعب دون فرض من أحد، وأكرر هنا أن هذه المطالبة إذا تمت، ستكون لشخص كل سيدة شاركت فى هذا الإنجاز لأنها شاركت وليس لأنها امرأة.