نادراً ما نجد حواراً على الشاشة يستحق أن نتابعه بحق.. لكن هذا ما حدث فى حلقة الخميس من برنامج «الحياة والناس»، الذى تقدمه الإعلامية «رولا خرسا» على شاشة قناة «الحياة 2» يومياً فى السهرة.
الحلقة تضمنت حواراً مع وزير الداخلية الأسبق اللواء «أحمد رشدى»، وهو انفراد إعلامى بحق، فلم يجر الوزير الأسبق أى حوارات إعلامية منذ خروجه من الوزارة، وهو ما تحدث عنه «رشدى» نفسه قائلاً إنه يعتذر لكل الإعلاميين الذين رفض إجراء حوارات معهم على مدى السنوات السابقة.
وبعيداً عن كون الحوار هو انفراد إعلامى فى حد ذاته، فقد كان أحد الحوارات التى تمنح المشاهد متعةً حقيقية، لا تتوقف عند حد أسلوب «رولا» الراقى فى الحوار، ولا قدرتها على إدارته بطريقة تعطى المتحدث الفرصة للتعبير عما يريد، دون أن يعانى من تدخل المحاور بلا داع سوى إثبات وجوده وتذكير المشاهد بأنه هو ملك المشهد وصاحب الحلقة!.
أما ما قاله «رشدى»، فقد كان للتاريخ، برغم أن الحوار كان قصيراً نسبياً فإنه تناول سيرة حياة رجل مصرى مهم، فقد كانت الأسئلة محددة ومباشرة ومحيطة بمسيرته، وكان الرجل حريصاً على الإجابة بما يمليه عليه ضميره، ويؤرخ لفترة زمنية مهمة من تاريخ مصر، لكنه لم يتطرق إلى ما حاولت «رولا» الحصول عليه من معلومات، فى موضوعات كان يتعمد عدم الخوض فيها، مثلاً كالأساليب التى اتبعتها وزارة الداخلية إبان توليه، للقبض على العناصر المتورطة فى العمليات الإرهابية، والتى كان ذلك الوقت زمانها الذهبى، كما أفصح «رشدى» عن حكاية قالها للمرة الأولى، وهى «إقالته» لابنه الضابط، بعد توليه الوزارة، حيث كتب الاستقالة بنفسه، بل ووافق عليها دون أن يعلم ابنه شيئاً عن الأمر، وذلك كى يرفع عن نفسه الحرج فى أى قرار قد يعتبر مجاملة لابنه.
الحوار يستحق أن يعاد، برغم أن تنويهاته تكررت قبلها كثيراً، لكن ليس كل يوم نشاهد حواراً مثله، يراعى آداب الحوار الصحفى، ويخرج المشاهد منه بمكاسب حقيقية، سواء أكانت معلومات، أم حتى انطباعات، فنحن فى زمن نحتاج فيه لكل نموذج مصرى إيجابى، ونحتاج أيضاً أن نبرز ذلك، فى مواجهة كل النماذج السلبية، التى يدور فى فلكها الإعلام، سواء عن قصد أو دون قصد.