كثيرة هى المهرجانات العربية، والقليل منها يتميز بالدفء، ومهرجان «وهران الدولى للفيلم العربى» واحد من هذه المهرجانات، حيث وجدنا أنفسنا محاطين بالدفء منذ اللحظة الأولى التى صعدنا فيها إلى الطائرة الخاصة، التى أقلت الوفود العربية المشاركة فى الدورة الـ3 للمهرجان والتى انطلقت يوم الخميس الماضى، والتقينا بنجوم ونقاد من سوريا ولبنان والأردن، إذ فوجئنا بعدد من العاملات والمنظمات للمهرجان، ومنهن «رابحة وصابرينا ونبيلة» معنا، حيث جئن لاصطحاب الوفود المشاركة فى تقليد جديد، أرساه المهرجان ورئيسه «حمراوى حبيب شوقى».. على متن طائرة خاصة حملت الوفود العربية وتنقلت بين مطارات دمشق، وبيروت، والقاهرة، واستمرت حالة الدفء تلك مع وصولنا إلى مطار وهران «واستقبال حمراوى» للمشاركين، وأيضا فى شوارع تلك المدينة الساحلية والتاريخية الثرية، عاصمة «الراى» فى العالم العربى، والذى خرج منها أهم مطربى الراى فى العالم، وهى أيضا مدينة متعددة الثقافات، فرغم قربها من إسبانيا، إلا أنهم يفتخرون بكل ما هو عربى ومصرى على وجه التحديد، حيث هناك حفاوة خاصة بالفن والنجوم المصريين، لكنهم لا يتوقفون عن المزاح معنا فى كل مكان نذهب إليه، لأنهم هزموا منتخبنا الوطنى لكرة القدم فى المباراة الأخيرة، ويؤكدون على أنهم سيتفوقون علينا أيضا فى المباراة المقبلة، وقد تكون هذه هى المرة الثانية التى أحضر فيها إلى الجزائر، الأولى كانت بالعاصمة فى احتفالات الأسبوع الثقافى المصرى، والثانية هنا بوهران، وكما أدركت فى المرة الأولى أننا نجهل الكثير عن الجزائر وشعبها، ولدينا العديد من الانطباعات والأفكار المسبقة.. إذ لانرى سوى تعصبهم الكروى، والمفارقة أنهم يعرفون الكثير عنا، فمصر حاضرة وبقوة بفنها وتاريخها وثقافاتها، ولهجتها.. التى تجذب من حولك، وفى هذه الرحلة أيضا، تأكد الأمر ثانية لذلك فمهرجان «وهران» أصبح واحدا من التظاهرات والفعاليات التى تسهم وبدرجة كبيرة فى الثقافة ومعرفة أخوتنا هناك، وليس من خلال الأفلام المعروضة فقط، بل لأنه مهرجان يحمل أبعادا ثقافية وفكرية من خلال الأنشطة الموازية التى تقام على هامش فعالياته الرسمية، ومنها الندوة الفكرية التى تقام تحت عنوان السينما العربية بين الرؤى الكلاسيكية والحديثة، وأيضا اجتماع رؤساء المهرجانات الذى يهدف إلى وضع رؤى تكاملية، واللافت للنظر أن المهرجان رغم أنه مازال فى بداياته، وذلك هو العام الثالث على انطلاقه، إلا أن المسئولين عنه قرروا أن يكون لهم دور فى إنتاج أعمال سينمائية مشتركة، حيث تم الاتفاق فى العام الماضى على إنتاج فيلم «تونسى - جزائرى»، وبالفعل تم إنجازه وسيعرض الميكنج الخاص به على ضيوف المهرجان، وبالطبع هذه خطوة مهمة فى السينما العربية، وأعتقد أن مهرجانا بثقل «وهران»، سيسهم فى بعث السينما الجزائرية والتى شهدت تألقا كبيرا فى سنوات السبعينيات من القرن الماضى، عندما كانت الجزائر رائدة فى الإنتاجات العربية، واحتلت مكانة وحضورا مميزين فى المهرجانات الدولية، حيث لا يستطيع أحد أن ينسى أن السعفة الذهبية الوحيدة التى حصل عليها فيلم عربى فى مهرجان «كان» كانت من نصيب المخرج الجزائرى «محمد الأخضر حامينا» صاحب «سنوات الجمر ورياح الأوراس» عام 1975.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة