حتى هؤلاء الذين يترددون فى قبول فكرة ظهور العذراء فى الوراق وشبرا، يتمنون أن يكون ظهورها حقيقيا فى نجع حمادى، لعلها تواسى أمهات الشهداء، وتنزع الغل الذى يهدد بحرق المصريين. ولذلك عندما أعلن الأقباط أن العذراء تجلت فوق كنيسة نجع حمادى التى شهدت الحادث وكانت غاضبة وباكية. بدا الأمر كأنه مواساة فى وقتها.
ونظن أن نية من أعلنوا التجلى سليمة لأن العذراء ترفض العنف والمسيح عليه السلام كان نبيا للسلام، حتى أنه لم يؤذ أعداءه والذين تآمروا عليه. المسيح الذى ولد فى أرض السلام، وجاء مع أمه مريم إلى مصر فى رحلة منحتها بركة إضافية، لكونها مكانا بدا يوما ما "فجرا للضمير" الإنسانى، والضمير بمفهوم العدل، والقانون والإيمان، الذى سبق ظهور الأديان.
لم تجف الدموع على دماء شهداء عيد الميلاد، وما يزال الغضب على اشده ليس فقط بين المسيحيين، وإنما أيضا بين كل المصريين، ومن لهم قلوب تحب الرسل والضمير والعدل، تقدس العذراء والمسيح، ومحمد وكل الانبياء.
المجتمع كله يدين الحادث الإرهابى، الذى لا يمكن إخلاؤه من بعد طائفى بسبب التعصب، الذى هو قرين الجهل، يشاطرون البابا شنودة حزنه وغضبه، ويأملون ألا تشتعل النيران أكثر.
الذين تحدثوا عن ظهور العذراء فى نجع حمادى قالوا إنها كانت غاضبة ودامعة، ولا شك أن ظهورها ربما يمنح قلوب أمهات الشباب الضحايا بعض العزاء بيشوى وبولا وأبانوب ومعهم أحمد الذى اغتالته يد التطرف فى سيناء ولا ننسى أيمن حامد أمين الشرطة الذى استشهد برصاص الإرهابيين أمام الكنيسة أثناء تأدية واجبه. أيمن الذى يشكو أهله من التجاهل وأن الحكومة والمحافظ لم يهتموا بأسرته وأرملته وأطفاله الثلاثة، الذين يتمتهم يد الغدر بلا ذنب جناه أبوهم أو جنوه. هم أبرياء مثل بيشوى وأبانوب، راحوا ضحايا للغل، ويفترض أن يقف المجتمع الذى تصدى للإرهاب فى التسعينات ويتصدى للطائفية والتعصب، ويدعم ضحايا الإرهاب الطائفى وأبنائهم. سواء شهداء المسيحيين فى الكنيسة، ومعهم الشهيد ايمن. وشهيد الواجب على الحدود.. كلهم راحوا ضحايا "الغل"..
وحتى هؤلاء الذين يرفضون تصديق تجلى العذراء يتمنون أن يكون تجليها حقيقيا هذه المرة، ربما يكون هذا التجلى قادرا على إحلال السلام وإزالة الأحقاد، وأن تمنح العذراء ولو بوجودها المعنوى للمصريين بعضا من سلامها فقد كانت مثالا للرضا والتسامح.
نحن الذين نريد أن تتجلى العذراء ربما استطاعت أن تفعل ماعجز عنه الأمن والعرف وأن تنقى القلوب السوداء من الغباء والحقد. والغل الذى يدفع بعض الإرهابيين لقتل أبرياء بلا ذنب ليشعلوا نيران الفتة التى تحاول العذراء إخمادها.
لقد نزل الانبياء جميعا من أجل سلام البشرية، ومن أجل انتزاع الأحقاد والغل والجهل والتعصب والقبلية من القلوب، لكن بقايا الجاهلية والقبلية تطفوا وربما تحتاج إلى أن تتجلى العذراء حتى تغسل أحقاد الحاقدين وغل المغلولين. فلتتجل العذراء للمسيحيين والمسلمين، من أجل بيشوى وأحمد وبولا وأيمن وأبانوب.. ربما تنجح فى إطفاء نيران الفتنة..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة