لم أعتد على ارتياد السينما فى الأعياد لأنها عادة ما تحمل فى تصورى نوعا من البهدلة وعدم الاستمتاع الشخصى بالفيلم بسبب الزحام، ولكننى خرجت عن عاداتى هذا الموسم علّنى أتابع ما تصورته عن موسم سينمائى أتى للجمهور بعد شوق للفيلم المصرى، فقد طال الأمد على جمهور السينما بدون أن يشاهدوا أفلاماً مصرية جديدة، فالصيف كان قصيرا وأفلامه بالتالى قليلة لم تسمح للجمهور بالشعور بالإشباع من الفيلم المصرى، ثم أتى رمضان الموسم الذى يخاصم فيه الجمهور السينما، وبعده عيد الفطر الذى أيضاً لم يظفر فيه الجمهور بأفلام مصرية قوية أو متنوعة.
خلاصة الأمر أننى تصورت أن الجمهور المصرى على اختلاف نوعياته سيخرج إلى دور العرض السينمائية لمتابعة أفلام هذا العيد، وقد صدق حدسى.. فشاهدت بالفعل الآلاف يرتادون دور العرض وعلى اختلاف شرائحهم، حتى أن كثيرا منهم لم يبدوا بالنسبة لى من النوعية التى ترتاد دور العرض فى الأعياد، ولكن كان هذا ما لاحظته وأكدته لى الإيرادات التى تجاوزت الستة ملايين فى الأيام الأولى للعيد، وهو مبلغ كبير إلى حد ما لمثل هذا الموسم، إذ السينما استطاعت أن تسحب من عيدية المصريين مبلغا لا بأس به، فقد أتت بعد شوق.. فماذا قدمت لهم؟!
أول الأفلام التى قدمها هذا الموسم كان «زهايمر» الذى يعود به عادل إمام بعد غياب عام كامل، بل أكثر، عن شاشات العرض، فتُرى كيف كانت عودته؟
فى فيلم من تأليف نادر صلاح الدين، وإخراج عمرو عرفة، وتصوير محسن أحمد، يعود عادل إمام بمشاركة من فتحى عبدالوهاب، وأحمد رزق، ونيللى كريم، ورانيا يوسف، ليحكوا قصة رجل شديد الثراء يواجه مرض الزهايمر، وهو فى حالة رفض لتصديق أنه مريض، ولكن كل الظواهر تؤكد مرضه، إلى أن يكتشف المشاهد أن هذه خدعة من أبنائه الفاسدين فى محاولة منهم لوضع أيديهم على أموال الأب، وحين يدرك الأب ما حدث تنقلب الأحداث إلى اتجاه آخر تماماً، إلى أن ينتهى الفيلم كما يجب أن تكون الحياة لو كانت مثالية.
سيناريو الفيلم قد لا يكون فكرة غير مطروقة فى الدراما من قبل، فالأفلام التى تتناول جحود الأبناء كثيرة، ولكن بالتأكيد استطاع نادر صلاح الدين أن يمنح الفكرة غير الجديدة كثيرا من الابتكار فى التفاصيل والأحداث.
واستطاع عمرو عرفة أن يحول هذه الأحداث إلى شريط سينمائى يضج بالحياة، وإن كنت أظن أن أهم إنجاز لمخرج هذا العمل أنه أعاد لنا صياغة خاصة فى الأداء لعادل إمام، فعلى الرغم من أن عادل إمام هو صاحب أكبر كم من الألقاب فى الوسط الفنى مثل «نجم النجوم» و«الزعيم» و«النجم الأكبر تربعاً على العرش برغم طول السنين»، فإن النجم الكبير خاصمه الجمهور إلى حد كبير فى آخر أفلامه «بوبوس»، ولكنه عاد بـ«زهايمر» ليصالح الجمهور ولكن بشكل غير متوقع.
استطاع عادل إمام فى هذا الفيلم أن يقدم وجها وتعبيرات فى الأداء لم نعتد عليها منه، ليس لأنها تحمل آسى أو تراجيديا، ولكن لأنها تحمل حساً مختلفاً عن أداء نجم من طول معاشرتنا له حفظنا تعبيراته عند الغضب والضحك وحتى البكاء.
ففى علاقة النجوم بالجمهور تظهر أحياناً ملامح الملل التى تشوب العلاقات تماماً كالزواج مثلاً، ولكن عادل إمام بدوره فى فيلم «زهايمر» استطاع أن يبدو كالزوج الذى يفاجئ زوجته بهدية، برغم أنها تصورت أنه لم يعد قادراً بعد عمر طويل على منحها هدية تفاجئها.