«يجلس المرضى أمام العنابر فى صحراء قاحلة، يتحدثون عن الكيفية التى يأخذون بها حقوقهم المغتصبة والمهدرة، المريض الأول يقول لو ماخدناش حقوقنا يبقى نحرق المصحة، المريض الثانى ماينفعش نحرقها لأنها المصحة بتاعتنا وبنتعالج فيها أحسن نسيبها، المريض الثالث لأ ماينفعش نحرقها ولا نسيبها ليهم، لأ إحنا لازم نعمل حاجة تلفت الأنظار لينا.. إضراب مثلا؟».
ذلك مشهد من رائعة المخرج توفيق صالح «المتمردون» الذى قدمه عام 1968.
وقادتنى الصدفة إلى مشاهدته على قناة «روتانا زمان» - وهو بالطبع لا يعرض على شاشة التليفزيون المصرى خصوصا أن البعض يرونه فيلما محرضا وثوريا وفى «متمردين» توفيق صالح تستطيع أن ترى واقعنا الحالى كأن شيئا لم يتغير وكل ما يحدث من إضرابات واعتصامات وإحساس بالعجز نعيش فيه، يعكسه الفيلم الذى تدور أحداثه فى مستشفى لعلاج الدرن، وبالطبع المستشفى مقسم إلى طبقات.. طبقة للعلاج المجانى، وأخرى لمن يتحملون علاج أنفسهم وتلك هى الفئة التى تلقى كل رعاية وعناية، فى حين أن مرضى القسم المجانى لا يجدون حتى المياه التى يشربونها ويحاولون بكل الطرق الحصول عليها مرة بالتهديد ومرة بالرجاء وفى النهاية بالثورة والتمرد، خصوصا بعد أن يكتشفوا أن الهدف من إقصائهم ليس علاجهم بل التخلص منهم خوفا من أن ينقلوا العدوى للآخرين. والعدوى هنا لايقصد بها المرض بقدر ما ترمى إلى عدوى التساؤلات والرغبة فى المعرفة، والوعى بالحق، وكيفية المطالبة بها، وهذا بالتأكيد ما كان يقصده نواب ضرب المتظاهرين بالنار؟ الذين ملأوا برامج التوك شو صراخا الأسبوع الماضى، فهم يخشون من أن تنتقل عدوى التظاهر إلى من يسيرون فى الشارع؟، ولمن يرغب فى فهم المزيد والتطورات التى قد يشهدها المجتمع فعليه مشاهدة «المتمردون» الذى يعد من الكلاسيكيات ووثيقة سياسية عن مجتمع يقف محلك سر، ويدور ناسه فى فلك مشكلات لاتتغير بل تزداد تعقيدا.
فواصل
غاب عمرو أديب عن برنامج «القاهرة اليوم» لعدة أيام نظرا لاحتجازه فى سويسرا بسبب بركان أيسلندا، حيث كان متواجدا هناك لتسجيل حلقة مع رجل الأعمال عمرو النشرتى، وبغياب عمرو غاب عن البرنامج الكثير من رونقه، وهذا ليس تقليلا من شأن باقى زملائه، ولكن عمرو بالتأكيد يمنح البرنامج طابعا خاصا، ويضفى على المشاكل التى يعالجها قدرا من الخفة والسخونة التى تحمل جاذبية إعلانية للمشاهدين.