علا الشافعى

عن النميمة والنمامين

الجمعة، 07 مايو 2010 03:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعجبنى الفيلم الأمريكى doubt أو«الشك» الذى قامت ببطولته النجمة «ميريل ستريب» وإخراج جون باتريك، وتدور أحداثه داخل إحدى مدارس الأطفال التابعة للكنيسة، ولن أتكلم هنا عن السيناريو المتميز ولا الأداء التمثيلى المبهر والرائع لأبطال الفيلم، ولا عن نجاح الكاتب فى أن يترك المتفرج دائما فى حالة من «الشك» فى شخصية البطل القس الشديد الإنسانية واللطف -يجسد دوره فيليب سيمور هوفمان- والذى يحاول التواصل مع الطلبة بمنطق الحب، بعيدا عن قواعد الكنيسة الصارمة. وهو ما يجعله بسهولة وبناء على تفاصيل مترابطة موضعا للشك فى علاقة غير سوية ربطته بالتلميذ الأسود الوحيد فى المدرسة.

ولكننى توقفت عند المشهد الذى يأتى بعد مواجهة بين مديرة المدرسة -تجسدها ميريل ستريب - ومدرسة الفصل التى لاحظت علاقة القس بذلك التلميذ، واستغراب القس من تلك الشكوك والاتهامات التى تلاحقه لأنه يتعامل فقط وبإنسانية، عندما وقف القس فى الكنيسة ليلقى العظة «قال جاءت امرأة إلى الكنيسة لتعترف أنها اغتابت جارتها وقالت فى حقها الكثير من الأمور غير المستحبة، وطلبت أن يغفر لها قس الاعتراف ما بدر منها، لكنه قال لها اذهبى إلى منزلك وأحضرى مخدة مليئة بالريش، ثم اصعدى فوق سطح منزلك وشقى المخدة بالسكين وعودى إلى، وبالفعل قامت المرأة بتنفيذ ماطلبه منها القس، وعادت إلى الكنيسة قائلة ياأبت لقد فعلت ما أمرتنى به فهل بذلك يغفر لى؟ قال لها: لا.. ماذا فعلت عندما شققت المخدة بالسكين؟ قالت: تناثر الريش فى كل مكان، قال لها إذن اذهبى واجمعى كل الريش حتى يغفر لك ما ارتكبت فى حق جارتك.. ردت عليه المرأة: ولكن هذا مستحيل؟ قال لها: هذا ما تفعله النميمة ومايقوم به النمامون».

هذا المشهد إذا كان استدعى حالة من الصمت للحظات لأبطال العمل الحاضرين فى المشهد، ومنهم من اتهموا القس وشكوا فى سلوكه، وهو نفس التأثير أيضا على المتفرج الذى تتأرجح انفعالاته ومنطق الأمور طوال الفيلم ما بين التصديق وعدم اليقين بشىء، وهذا طبيعى وتأكيد على جماليات السيناريو، لكن المفارقة أن هذه العظة تأخذك بعيدا لتفكر كم مرة كنت ضحية النميمة والنمامين الذين لا يملكون إلا أذى الآخرين؟ وكم مرة قمت بهذا الفعل فى حق الآخرين؟ وعن فلسفة تلك العظة التى تؤكد أن النميمة من أكثر الأفعال البشرية إيذاء، فمن يستطيع أن يجمع الكلام المتناثر أو الريش من جديد؟ لا أحد.

والأهم أن تتوقف أمام تلك السينما الشديدة الرقى التى تحملك على التأمل والتفكير أو تشير إلى شىء ما بداخلك، بعيدا بالطبع عن السينما المصرية التى باتت أشبه بالمعلبات التى تضطر لتأكلها وتتعامل معها، لأنه ليس أمامك غيرها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة