كانت تفاصيل المشهد الذى تصدر بطولته المخرج المسرحى جلال الشرقاوى وهو يجلس على سلم مسرح الفن محاطاً بأبطال عرض مسرحيته «دنيا أراجوزات».. حاجة توجع القلب، رجل فى سنه ومقامه يجلس على درجات السلم قائلاً فى حماسة: «سنعرض هنا حتى لو نمنا فى الشارع».
أنا لايعنينى كثيراً تفاصيل المشكلة والقضايا المرفوعة واستشكالات وزير الثقافة ضد جلال الشرقاوى.. فكل ما لفت نظرى وأثار حزنى وكآبتى هو أن وزير الثقافة المصرى والفنان لم يمانع من تشميع المسرح بناء على قرار منه، ومن محافظ القاهرة، يحمل رقم 162 لعام 2010، بسبب مخالفة المسرح لاشتراطات الدفاع المدنى وتهديده لمبنى معهد الموسيقى العربية، والغريب أن الوزير أكد فى تصريحاته أن المسرح ترك خطأ فى مكانه لمدة 30 عاما بسبب محافظة القاهرة.
وقال فاروق حسنى هذه الجملة دون أن تطرف عيناه، وهى مفارقة درامية غريبة ومدهشة من وزير يصر طوال الوقت أن يسبق اسمه ولقبه صفة «الفنان»، وفى نفس الوقت أنا لا أتبنى وجهة نظر المخرج جلال الشرقاوى بأن خلافاته مع الوزير ورؤيته للمسرح وانتقاده المستمر للوزير هى السبب والمحرك.
كل ما أعرفه أن الوزير الفنان كان عليه أن ينظر للمسرح على أنه منارة ثقافية، ومكان يقدم الشباب ويطلق مواهب جادة، فمسرح الفن شهد العديد من الإبداعات لنجوم كبار منهم محمود عبد العزيز وإلهام شاهين والقديرة سهير البابلى وأحمد بدير كما شهد انطلاقة آدم وهنيدى وغيرهما.
كيف هان على الوزير وسمح بوضع الشمع الأحمر على باب المسرح الذى ينافس فى قدسيته أماكن العبادة؟ هل إلى هذه الدرجة هانت عليه الفنون؟! وأساله سؤالا واضحا: كام كان عدد المسرحيات فى الستينيات والسبعينيات، وما حجم الإنتاج المسرحى الآن؟ وأراهن الوزير على أنه بات إنتاجاً هزيلاً.
كان على وزير الثقافة أن يحاول الوصول إلى حل وسط بدلاً من الشمع الأحمر، وحرمان شباب خريجى فنون مسرحية من عرضهم الأول الذى لم يستمر سوى 5 أيام يا سيادة الوزير.
جلال الذى قام بإخراج 10 مسلسلات للإذاعة، و4 أفلام ومايزيد على 70 مسرحية ومسلسلين دراميين، وهو أيضا أستاذ يدرّس الإخراج المسرحى لمئات الطلبة، وأطلق العديد من المواهب... وإذا كان الوزير انتظر 30 عاماً وترك المسرح فى مكان خطأ طوال هذه المدة فعليه أن ينتظر ولو قليلاً بدلاً من أن نرى الشرقاوى معتصماً أمام باب مسرحه الذى تم تشميعه بالشمع الأحمر.