نواجه مشكلة مع دول منابع النيل، التى تريد إعادة توزيع الحصص لتنمية بلدانها، حرب من نوع ما، لكننا ونحن نواجه حرب مياه، نلوث المياه ونهدرها علنا ومع سبق الإصرار، ولو كان هناك نظام يدرك أو يفهم ما سمح بكل هذه التعديات على النيل وتلويثه، هناك حرب يشنها مسئولون ومتنفذون على النيل فى الداخل، أخطر من حرب الخارج. ولنقرأ تصريحات وزير الرى الدكتور محمد نصر علام، للزميل ماهر عبد الواحد بـ"اليوم السابع"، التى قال فيها إن هناك 21 ألف و152 حالة تعدى على نهر النيل، وأن الوزارة تحاول إزالة هذه التعديات، وزير الرى قال إن هناك 275 حالة من التعديات مؤثرة، وربما نحن نعلم أن كل التعديات على النهر مؤثرة، ونظن أن عدد حالات الاعتداء على النيل أكثر بكثير مما ذكره الوزير، ونحن نرى على نيل القاهرة والجيزة تعديات ربما تفوق هذا العدد، ومن جهات رسمية أو حكومية أو أفراد ومنشآت سياحية وصناعية.
ربما كنا البلد الوحيد فى العالم الذى يعتدى على نهر هو أساس حياته، نرمى فيه فضلاتنا ونسممه عمدا، على طول نهر النيل هناك مشروعات صناعية تصرف سمومها علنا فى نهر النيل، مع أن هؤلاء الذين يفعلون ذلك يشربون من النهر، ويغنون له كل صباح أن مصر هبة النيل، على طول النهر من الجنوب للشمال مصانع ومشروعات ترمى صرفها فى النهر وتسممه عمدا مع سبق الإصرار والترصد ومع هذا نرى الحكومة تتحدث عن حماية النيل والدفاع عنه. وإذا كان شعار الانفتاحيين " إحنا اللى دهنا الهوا دوكو" فشعار الملوثين "إحنا اللى لوثنا النيل وسممنا المية".
كل هذا يحدث ونحن نرى حربا على المياه تلوح فى الأفق، ودول منابع النيل تتحرك لانتزاع بعض حصتنا، هناك عطش قادم والعالم كله يتحدث عن حرب المياه القادمة، وفى العالم الحديث كله المياه هى أغلى السلع وأهمها وأخطرها يضربون الأرض ويحلون ماء البحر من اجل انتزاع نقطة الماء ، والدولة التى لديها نهر أو حتى جدول تقدسه وتحميه وتدافع عنه دفاعها عن الأمن القومى، ونحن نرمى ماء النهر ونهدره، ونلوثه ونعتدى عليه ثم نتحدث عن حصتنا من الماء التى تتناقص بفعل زيادة الاستهلاك قبل صراع الحصص.
وإذا كنا نتعرض لصراع على ماء النهر فالأولى أن نتحرك لحماية نصيبنا الذى يتلوث، ولا نظن أن هناك بلدا فى العالم لديه نهر من المياه العذبة ويصاب مئات الآلاف من سكانه بالفشل الكلوى بسبب تلوث مياه الشرب. لقد كان المصريون القدماء يقسمون أنهم لم يلوثوا النيل، والحكام الخالدون فى تاريخ مصر هم الذين أقاموا مشروعات مائية قناطر وسدود ونظموا الري، أما المصريون الحدثاء وحكومة الحزب الوطنى فهى الوحيدة التى قررت يوما ما أن تردم جزءا من النيل لإقامة نفق يهم فندقًا، كان مشروع وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان الذى وجد موافقة من بعض الحكومة لولا ستر ربنا، وكان مشروع يجمع بين الفهلوة والهبل، ومع هذا وجد من يتبناه ويدافع عنه، فى حكومة الحزب وحزب الحكومة التى أدمنت التلوث.