رمضان يهل مسرعاً
كل سنة وأنتم طيبون
بعيداً جداً، فى أكثر من عاصمة أوروبية، يحتفون بأحد أهم عناصر الهوية الإسلامية: الأذان!.
فهناك وعلى عدد من أشهر المسارح، يجرى الآن عرض مسرحية اسمها «راديو الأذان»، وباختصار.. فإن المسرحية ألفها وأخرجها سويسرى زار مصر، فانبهر بصوت الأذان، قرر أن يقدم هذا السحر الذى أصابه لأوروبا، فجمع ثلاثين مؤذناً مصرياً، اجتاز أصغرهم الأربعين وأكبرهم الأربعة والستين.
المخرج نفذ تجربته الخلاقة بتقنية شديدة، حيث درب المؤذنين جميعاً على الوقوف على المسرح، وجعلهم هم أنفسهم أبطال العرض الحقيقيين، الذين يقفون أمام خلفية من شاشات عرض عملاقة ثلاثية الأبعاد تعكس الحياة فى القاهرة، المؤذنون الثلاثون يرفعون الأذان فى وقتٍ واحد، فى مشهد كتبت عنه الصحافة الأوروبية بأنه مهيب، والجمهور فى المسرح يقف ليحيى المؤذنين، ويخرج من المسرح ودموعه ترافق إعجابه!.
هكذا يحتفى الأوروبيون بأذان صلاتنا! لماذا؟ لأنهم يقدرون الجمال حين يلتقوه، ولأننا حين نحسن تقديم أنفسنا يحترمنا الآخر، مخرج المسرحية ومؤلفها كان قد زار أكثر من عاصمة عربية، فيها من يطبق الأذان الموحد، ومنها من لا يطبقه، لكنه حين أتى إلى مصر، بهره أداء المؤذنين المصريين، فقرر أن يكون عمله المسرحى من قلب القاهرة، ليطلع العالم على تجربة الأذان بصوت مصرى تقليدى، ملك عليه قلبه كما مع كل من شاهدوا العمل!
شاهد محايد.. تماماً وبقلب مطمئن يمكن وصف ما فعله المخرج السويسرى «ستيفان كايجى»، الذى «استطعم» مذاق الأذان بالأداء المصرى الأزهرى، الذى يصدح الآن فى مسارح أوروبا، ونفتقده فى مصر! ربما نستعيده إذا تم بالفعل تطبيق تجربة الأذان الموحد (والتى هى ليست اختراعاً مصرياً بل موجود فى دول عربية ومسلمة أخرى).
وربما.. نستعيده لو قررت «كل» القنوات الفضائية المصرية، الاحتفاء بالأداء المصرى الذى أبهر ويبهر العالم، وألا يتم استدرجها لبث الأذان بالأداء الخليجى المستورد، الذى وللأسف أصبح له «أتباعه» الآن، ليس لأن «الزن على الودان أمر من السحر» وحسب؛ وإنما أيضاً لأننا نفقد قدرتنا على تذوق الجماليات الحقيقة بمرور الوقت، بسبب قبح يحاصرنا.
لنجعل رمضان شهراً للاحتفاء بالأذان المصرى، وبالمؤذن المصرى التقليدى والحقيقى.
ورمضان كريم