كنا نفتش عن الحرية فى ميدان التحرير، ونهتف «أنا مندس أنا مندس.. أنا عايز كنتاكى وبس»، نعرف أن الشمس تشرق من هنا، قلت لصديقى فارس خضر «رئيس تحرير مجلة الشعر التابعة لـ«الإذاعة والتليفزيون»، بعد أن قررنا المبيت أثناء واقعة «الجمل»، سأتزوج من الثورة، فضحك، وقتها كان الحصار من كل اتجاه، والدموع تبتهل إلى السماء.. كلنا نعرف أن الثورة تستلزم الحفاظ على الميدان.. الثورة تبدأ من هنا من ميدان «الحرية».. ميدان «الشهداء».. ميدان «الثورة».. ميدان «25 يناير».. ميدان «التحرير».
بعد خطاب الرئيس الذى أصابنا جميعا بخيبة أمل، تحركنا من التحرير، والدماء تغلى إلى قصر العروبة، ونردد شعارنا الشهير «الشعب يريد إسقاط النظام»، ولم نشعر بأقدامنا التى قطعت نحو 20 كيلو مترا، وتحقق الأمر فى اليوم التالى مباشرة، زميلتى فى الجريدة دانة الحديدى، لم تتمالك دموعها، وهى تسمع النبأ، أمام قصر الرئاسة.
فى هذه الثورة المباركة، لم يكن غريبا أن يعتدى علىّ مؤيدو مبارك ويسرقوا نقودى، لكننى اعتدى علىّ شباب «التحرير» الطاهر أيضا، إذ كان أحد مخبرى الأمن الذين أعرفهم فى الجامعة، مندسا يوم الأربعاء 2 فبراير بين المتظاهرين، فوجئت به يتجه نحوى ويقول «أخرج بره بسرعة»، ثم صرخ بأعلى صوته.. «ياجماعة الأخ ده تبع الحزب الوطنى وتبع أمن الدولة طلعوه بره».. فوجئت بالعشرات يتقدمون نحوى ويمسكوننى.. الدماء تجمدت فى عروقى «أخرجت لهم كارنية الصحافة والبطاقة».. توسلت إليهم أن يفتشوه هو، ويسألوه عن هويته، لكنهم تجاهلوا مطالبتى لهم تماما.
تكرر الموقف أيضا يوم الثلاثاء الماضى، إذ كنت أحمل فى يدى ورقة صغيرة أكتب فيها الشعارات التى يرددها المتظاهرون، وفاجأنى أحد «الذين يشكون فى أنفسهم»، بالاعتداء علىّ أمام الجموع، ولم ينقذنى سوى زملائى الصحفيين.
أكلنا أنا والزميلتين «نورا فخرى، ودانة الحديدى»، فى 11 فبراير، قبل ساعتين من تنحى الرئيس مبارك، «كنتاكى بالفعل» الواقع بالقرب من قصر العروبة، ولكن من «فلوسنا»، وعدنا للميدان.. نصبنا أول خيمة، للمبيت، وشاهدنا مئات «البطاطين»، وأملينا الأخبار للموقع، وبعدها بدقيقة واحدة جاء البيان «الشعب أسقط النظام»، وأنا هتفت «هتجوز فى عهد نضيف».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة