هكذا بدأت الثورة، كأول ثورة إلكترونية فى العالم، تحركت من الفيس بوك وتويتر بطبيعة مصرية خالصة، بدأت بالنكتة والإفيه، واستمرت وانتهت بهما، حتى هتف الجميع بعد سقوط مبارك: «حلوة الثورة حلوة.. وحسنى مخدش غلوة»، «مش هنلك مش هنلك.. اللزق بتاعه طلع بيفك».
18 يوما، هى الأجمل فى تاريخ مصر، الحديث، فى البداية كان «الشعب يريد إسقاط النظام» وفى النهاية «الشعب خلاص أسقط النظام»، و«دلعو يا دلعو.. مبارك شعبه خلعو»، وما بين هتافات البداية وهتافات النهاية حياة كاملة بدأت بموت مئات الشهداء، وبإطلاق آلاف القنابل المسيلة للدموع وآلاف الطلقات الحية والمطاطية، حياة قوامها العيش والحلاوة واللانشون والجبنة النستو والشاى فى الأكواب البلاستيك، والخيام البلاستيكية والبطاطين أم 40 جنيه، حياة كاملة بعنوان واحد عريض هو الحب، فلأول مرة يكتشف المصريون أنهم يحبون بعضهم البعض بهذا الشكل، وأنهم يحبون بلدهم كل هذا الحب، لدرجة أننى كنت أرى كثيرا من الرجال تغرورق أعينهم بالدموع لمجرد سماع أغنية أو هتاف أو حتى لرؤية طفل صغير يحمل علما صغيرا ويهتف بحروف متعثرة: تحيا مصر، تحيا مصر.
الثورة ليست صعبة كما كنا نظن، وأول سؤال منطقى بعد تنحى الرئيس المخلوع غير المأسوف عليه: طالما أنه يمكن خلعه فى أسبوعين لماذا تحملنا فساده ومصائبه طوال ثلاثين عاما؟
شكرا لمصر، شكرا لتونس، شكرا للفيس بوك، شكرا للشهداء، شكرا لشهر يناير، شكرا لكنتاكى، شكرا للمندسين، شكرا للأجندات، شكرا للبون بون، شكرا لميدان التحرير، شكرا لمترو الأنفاق، شكرا ليوم الجمعة، شكرا للجيش، شكرا للدبابات، شكرا للقنوات الأجنبية «العميلة»، شكرا لمضادات القنابل المسيلة للدموع، الخل والبصل والكولا، شكرا للأطفال وللحوامل وللبنات والعجائز الذين باتوا فى الميدان، شكرا للميدان، شكرا للبلطجية الذين أثبتوا أننا لا نخاف، شكرا للشرطة الخائنة التى أثبتت لنا أننا رجال، شكرا للجان الشعبية، شكرا للثورة، شكرا لمصر، شكرا لمصر، شكرا لمصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة