فى الأسبوع الماضى عندما كتبت مقالا بعنوان «عفواً أيها الرجال» وتناولت فيه المطالب التى يتبناها عدد من الرجال لتعديل قانون الرؤية، وتحدثت عن أخذ القوانين للعاطل فى الباطل، وكأن على النساء فى مصر أن يدفعن الثمن، لأن هذه القوانين صدرت فى عهد سوزان مبارك التى تبنتها، وأكد البعض أن هذه القوانين صدرت تطبيقا لأجندة غربية، وبالطبع انهالت ضدى التعليقات والاتصالات، تؤكد أننى منحازة للنساء، والتى رفع أغلبها راية الدين لتخويفى، وذهب البعض إلى اتهامى بأننى من الثورة المضادة لأننى «بدافع عن قوانين سوزان».
ولكن من قرأ المقال جيدا عليه أن يدرك أننى لم أنحز لطرف ضد الآخر، ولم أقف فى صف النساء لأننى امرأة، ولكننى طالبت بالعدل، وتساءلت: كيف لرجل لا يتولى الإنفاق على أبنائه، ويطردهم فى عز البرد «بالملابس اللى عليهم»، وكيف لرجل لا يعرف قلبه الرحمة «ويسب ويشتم زوجته أمام أولاده» أن يؤتمن على تربيتهم؟، وهذه ليست حالة امرأة واحدة بل حالات تتعدى الآلاف.
وكل ما أرغب فيه أن يكون القانون منصفا للنساء اللائى يفنين عمرهن لتربية أبنائهن فى حالة الانفصال، ونسبة كبيرة منهن يقمن بالإنفاق وتحمل المسؤولية كاملة، ولا أعرف، هل على النساء أن يحافظن على كل المكتسبات التى تحققت لهن وألا يخضعن للصوت العالى؟، وهل عليهن أن يستخدمن نفس الطرق من إطلاق مواقع على الفيس بوك والوقوف أمام مكتب النائب العام حاملات لافتات ضد الرجال؟، أم علينا أن نصل معا رجالاً ونساءً إلى حلول قانونية تنتصر لإنسانية المرأة والرجل، وتنتصر لمن يتحمل المسؤولية حقا، بهدف تربية أطفال أسوياء وليسوا مشوهين؟ وهو ما يؤثر على العلاقات الإنسانية وتشكيل المجتمع مستقبلا.
ما أعرضه هنا هو مجرد تساؤلات ومخاوف، خصوصا أننى بت أشعر بالخوف والقهر الحقيقى كلما تحدثت مع أصدقائى المفترض أنهم مقربون منى ويعرفوننى جيدا، والمفارقة أننى أجدهم يلقون فى وجهى بكلمة «إنتى من الثورة المضادة» رغم أننى أطرح أسئلة تبدو لى مشروعة، منها مثلا: هل مصر فى طريقها إلى دخول نفق مظلم؟، وماذا عن السلفيين والمتطرفين دينيا، والذين أصبحوا يملأون الدنيا صخبا وضجيجا؟، وكيف ترون حوادث هدم الأضرحة وقطع أذن «أيمن ديمترى»؟، وعندما أصرخ بأننى خائفة أجد مثلى الكثيرين ممن يتهامسون ويخشون أن يرفعوا أصواتهم حتى لا تكال لهم الاتهامات، ولكننى أقولها بصوت عال: لم أعد أفهم شيئا، وأخشى من حالة الفوضى التى أصبحت تحكم طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض، وأن يرى كل واحد منا أنه على حق، والآخر هو الخطأ، لماذا لا نستطيع أن نستوعب المتشائم مع المتفائل؟، من يرى أن مستقبل مصر مشرق ومن يشعر بالخوف من كل ما هو قادم؟، لماذا اتهامى أنا وغيرى من الخائفين أو أصحاب الهواجس من تردى الأحوال بانتمائنا للثورة المضادة؟.. على فكرة أنا مواطنة مصرية عادية ومن أسرة فوق المتوسطة، وليس لى أقارب فى الحزب الوطنى، ومبارك وعائلته «مش قرايبى ولا نسيبنا»، وبحب مصر، بس من حقى أنا وغيرى نخاف ونسأل.