لم يكن «رسوب» الإعلام التليفزيونى المصرى فى الفترة الحالية الساخنة بأحداثها مجرد صدفة، ولا مفاجأة.
والأسباب «كتير ياما».
لقد انتهى يا سادة.. وبلا رجعة، عصر الإعلام ذى «التراك» الواحد!
طب إزاى؟
ولأننا نتحدث هنا عن الإعلام التليفزيونى تحديداً، فلنضرب المثل بالبرامج الأشهر مصرياً، وهى برامج «التوك شو»- بالطبع، لقد أصاب هذه البرامج الارتباك، مع تطور الأحداث المتسارعة بما يفوق التوقع، لماذا الارتباك؟ ببساطة.. لأن تلك البرامج لم تقم على صناعة أصلاً، لقد كانت مجرد عمل باليومية، يوم يعدى.. وبكرة ربنا يسهل!، وبرغم العمر الذى لم يعد قصيراً لهذه البرامج، ونسبة المشاهدة الهستيرية لها، وبرغم الانفاق الكبير عليها، لم يتوقف أحد من صناعها ليلتقط الأنفاس، ويسأل نفسه: وماذا بعد ؟، المهم هو دورة تليفزيونية تالية يستمر فيها البرنامج وحسب، ونتيجةً لهذا، لم تخلق هذه البرامج كوادرها التى كانت تمتلك البرامج الظروف المناسبة لتخلق بها طريقاً جديداً لجيل إعلامى مصرى يقدم media تناسب العصر، media يصنعها أبناء عصرها، أعمق بكثير من مجرد «إسكريبت» يكتبه معد استقدم ضيفاً، تقرؤه مذيعة، مع كام تليفون على الهوا.. وكفى الله المؤمنين شر القتال!.
«وقت الامتحان.. يكرم المرء أو يهان» وقد أهين الإعلام المصرى، لأن أحداً من صناع شاشته لم ينتبه إلى أن الشاشة لم تعد حكراً على جهاز التليفزيون، وأن وحشاً يسمى الإنترنت، قد خرج من رحم عالم جديد يتم حساب الوقت فيه بالفيمتو ثانية، وأن المتلقى لن ينتظر لنهاية اليوم كى «يتفرج» على ما ستجود به برامج الشاشة الفضية عليه، بل سيكون فى انتظار شىء جديد: فى الشكل والمضمون، مختلف عن شاشة أخرى «تفاعل» معها طوال اليوم، فكان صانعاً وموزعاً ومتلقياً لها فى آنٍ واحد!.
«الإعلام التفاعلى» يا سادة هو الحل، فإذا كان التاريخ من هنا ورايح، هيصنعه أبناء الإنترنت، فالتفاعل طوال الوقت هو الحل لخلق أى حوار معهم، «التفاعل» هو اللغة الوحيدة التى يفهمها من يصنعون الأيام القادمة، وبمعنى آخر، إذا أردت أن تقدم خدمة خبرية لإنسان يعيش فى هذا العصر، عليك أن تقدمها له بأكثر من طريقة فى وقتٍ واحد، فيستعمل الطريقة التى يريدها فى اللحظة المناسبة لها، هو يستقبل رسالة الـsms على الموبايل، ويشاهد الفيديو على الإنترنت، بل يصوره بموبايله ويحمله بنفسه على اليوتيوب، ليصبح هنا هو المنتج، وهو الذى يسمع الراديو الـon line، ويشاهد الـweb tv، أيضاً، إذن «الخبر» هنا هو المادة التى يتم التعامل معها بأكثر من طريقة والهدف واحد: خدمة المتلقى.
أين الشاشات المصرية الخاصة والرسمية من كل هذا؟
صدقونى لن ينتظر أحد الإجابة، فلا أحد فى حاجة إليها سوى صناع هذا الإعلام، الذين تقف صناعتهم على المحك: إما التطور، وإما النهاية. > >