كانت الساعة قد تعدت منتصف ليل الخميس متجهة نحو صباح يوم الجمعة، حين ظهر شريط أخبار عاجل على غير العادة على قناة الحياة1، ما الأمر إذن؟ لا بد أنه جلل، انتبهت مستعدةً للقراءة: يقول الخبر إنه قد صدر الأمر بحبس سوزان مبارك خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيق بتهمة الكسب غير المشروع كما تم تجديد حبس الرئيس السابق حسنى مبارك على ذمة التحقيقات.
فوراً قررت البحث عن تفاصيل أكثر ومتابعة أعمق، فحركت مؤشر الريموت كونترول إلى محطة النيل للأخبار، حقيقةً لا أعرف إن كان هذا نوعاً من السذاجة، أو من المنطقية، السذاجة التى تدفعنى للاعتقاد بأن المزيد سيكون فى النيل للأخبار، أو المنطقية التى تقتضى وجود التفاصيل فيها باعتبار محلية الخبر!.
انتظرت مرور الخبر فى شريط القناة، انتظرت وانتظرت.. ولم أنل سوى خيبة الأمل !، فما ظهر لم يكن سوى خبر بدء إجراء التحقيقات وحسب، شككت فى قراءتى للخبر على الحياة، خاصةً أن الساعة قد اقتربت من الواحدة والنصف صباحاً، فليس من المعقول أن قنواتنا لم تذعه، ذهبت للقنوات كلها: بى بى سى, روسيا اليوم، فرانس24.. إلخ، كان الخبر موجوداً فى شريط أخبار كل قناة، عدت إلى النيل للأخبار كانت الساعة تمام الثانية صباحاً وموعد نشرة الأخبار قد حل، والحمد لله.. أذيع الخبر فيها كما تم تحديث شريط الأخبار وأضيف الخبر إليه!.
بأى منطق يمكن تفسير التأخير هنا: هل هو الأهمال؟ أم التقصير المهنى؟ أم انخفاض مستوى الأداء.. وبمعنى أصح تدنيه؟، الحقيقة أن الأمر أسوأ من ذلك، المسألة يا سادة أننا بننفخ فى قربة مقطوعة، ويبدو وهى قناعة شخصية لدىّ أنه لا أمل فيما يسمى الإعلام المصرى الرسمى بكينونته الحالية، فإذا كانت كوادر التليفزيون لا تمتلك بالأساس الحس الخبرى، فلا أمل.. لا أمل.
وصدقونى.. الحكم هنا غير متسرع..
طيب خدوا دى..
ظهيرة اليوم التالى، وأثناء تغطية مليونية الوحدة الوطنية ودعم القضية الفلسطينية، على «المصرية» كان المراسل يقف وسط الحشود ويقدم تغطياته، المفروض أنه يلاحقنا بأخباره فيما تتجول الكاميرا لتنقل لنا الحدث، وفى أثناء تجوالها، اقتربت من لافتة كبيرة وبدأت تستعرض ما كتب فيها، فجأة.. انتقلت الكاميرا بشكل مفاجئ متجهةً يميناً لتتوقف عند أحد الأشخاص الذى ابتسم مستمتعاً بتوسط صورته للمشهد، توقفت الكاميرا ولم تتحرك، وكأن ميدان التحرير أصيب بالصمت، ولم أدر أهمية الشخصية التى تتصدر الشاشة، استمر الأمر لدقائق وهى مدة تعنى الكثير لأى محترف للإنتاج التليفزيونى، بعدها جاء صوت المراسل حاملاً حل اللغز: لقد أراد المصور أو المخرج الله أعلم مجاملة الزميل المراسل «واشمعنى هو يعنى ما يطلعش فى التليفزيون براحته»!..فعلاً عبث.
المشكلة فى الرؤية والكفاءة والأهلية للتعامل مع الشاشة، وأشياء أخرى تتعلق بالنجاح والرغبة فى خوض غمار المنافسة، وكلها مسائل تقف بعيدا عن ماسبيرو فى وقتٍ لم يعد ينفع فيه الندم، فإثبات الكفاءة موعده الآن وليس غداً.. فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف.