وائل لطفى

كن رجلاً وعارض الإخوان

الأربعاء، 11 يناير 2012 03:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بلا شك فإن حصول تيارات الإسلام السياسى على نسبة تقارب السبعين فى المائة من مقاعد البرلمان القادم يستحق أن يكون مدعاة للقلق لدى الكثير من المثقفين والمبدعين، لكن الحق والإنصاف يقتضى أن نقول إن التعبير عن القلق والاكتفاء بترديد الشعارات، والبكاء على اللبن المسكوب ليس هو الدور الوحيد للمثقف وإنه قد آن الأوان أن يخرج المثقف المصرى من حالة اللافعل التى عاش فيها لسنوات طويلة، حيث اكتفى المثقفون المصريون بالتعبير عن حالة الامتعاض من الأوضاع العامة واكتفوا بالجلوس فى مقاهيهم ومطاعمهم ومشاربهم، يسعى بعضهم للدخول فى الحظيرة ويكتفى بعضهم بالمقاومة السلبية والتشهير بمن دخل الحظيرة.

والحقيقة أن هذا العهد قد باد وانقضى، حيث كانت الدولة تربى المثقفين فى حضانتها الطبيعية، يستوى فى ذلك أولئك الذين كانوا يقبلون أن تستخدمهم الدولة سياسيا فى أغراض شتى وتجزل لهم العطاء، أو الذين كانوا يرفضون أن يكونوا أدوات للاستخدام وترى الدولة أن وجودهم إن لم يكن مفيدا فهو ليس ضارا، وتتعامل مع وجودهم على أنه نوع من البركة يمنح الديكور الديمقراطى لونا مختلفا ويضيف إلى الزوايا المتعددة زاوية جديدة.

انقضى هذا العهد الذى خاصم فيه المثقفون الشارع أو أجبروا على مخاصمته، وانتهى أيضاً العهد الذى كان المثقفون فيه يستخدمون كوردة فى عروة النظام، وجاءت أغلبية سياسية تتوجس من الثقافة بمعناها الحقيقى ولا ترى فى الفن سوى أداة لتوجيه الجماهير وإخضاعها، ولا ترى فى المثقفين سوى عون يجب تقويمه، هذا هو الواقع سواء كان صادما صريحا كما فى خطاب السلفيين ومحدثهم عبدالمنعم الشحات؛ او مراوغا ومناورا كما فى خطاب الإخوان المسلمين الذين لا يرون فى الفن سوى وسيلة لتمكين الدين الصاعد عن طريق الفن الماجد، على حد قول الشيخ عبدالرحمن البنا مؤسس المسرح الإخوانى، وشقيق المؤسس الأول لجماعة الإخوان المسلمين.

ولأن هذا المقال ليس مخصصا للقدح فى الإخوان المسلمين الذين اجتهدوا فوفقوا وصبروا فنالوا، فإن السؤال الرئيسى هنا هو ماذا سيفعل مثقفو مصر ومبدعوها إزاء التغيرات الحادثة التى ستصيب الفن والثقافة فى مقتل سواء اعترف الجميع بذلك أم لم يعترفوا.

أيها المثقف، هذه ليست دعوة للتمرد ولا لادعاء المقاومة، إذا كان الإخوان يعجبونك ويعجبك مفهومهم للفن والثقافة فأهلا وسهلا، وافق وهادن وانخرط، وابق ساكنا كما كنت طوال ثلاثين عاما، لكن أرجوك لا تصدعنا بالحديث عن مخاوفك على حرية الفن والإبداع، أما إذا كنت تحس بالخطر الحقيقى فكن رجلا واستلهم روح الشباب والشهداء فى ميدان التحرير، عارض وقاوم واستشهد؛ نم أمام مدرعات التطرف وأعلن أنك لن تستسلم، كن رجلا وعارض ما ترى أنه يستحق المعارضة ولا تمارس عاداتك القديمة فى المعارضة من على المقهى، فالمقاهى لم يعد فيها متسع لك.

فى هذا الإطار لا يفوتنا أن إحدى مبادرات المبدعين والفنانين للتجمع فى نقابة الصحفيين يوم السبت القادم لتوحيد مبادرات الدفاع عن حرية الإبداع فى مبادرة واحدة، والإعلان عن موقف موحد من الرقابة الدينية القادمة، وإن كنت أخشى أن تلقى مصير مبادرات كثيرة سابقة، لكنها فى كل الأحوال تبقى مبادرة تستحق التحية والتشجيع لأن أصحابها لم يكتفوا بالجلوس على مقهى والتساؤل عن شكل الحرية الإخوانية، وما إذا كان من الأفضل دخولها أم البقاء خارجها؟!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة