المشكلة فى السياسيين الذين يريدون ثمار السياسة، مع الاحتفاظ بتأييد الميدان. مستعدون لتوصيل كل المواقف المتناقضة للمنازل والفضائيات. يستمتعون بالمسار السياسى والانتخابى، فإذا خسروا يرفضون قواعد اللعب، وإذا فازوا يزايدون على القواعد. ولهذا نواصل المعاناة من ارتباك سياسى وتلبك ثورى، وغياب للرؤية ينتهى عادة إلى نفس النقطة. بفضل اللاعبين بالبيضة والحجر. الذين يخفون مصالحهم خلف شعار الصالح العام. متسلحين بازدواجية مطاطية.
والنتيجة أننا أصبحنا أمام دعوات لتغيير مسار السياسة وتشكيل مجلس رئاسى، ودعوات لمحاكم ثورية بدلا من القضاء الطبيعى، وقوانين تفصيل بدلا من مسار تشريعى واضح.
المرحلة الانتقالية تقترب من نهايتها ولو شكلا. ما يجعل الدعوة لمجلس رئاسى غير منطقية. وطبيعى أن يرفضها مرشحا الإعادة، ولكل منهما مصلحة. فقد سرنا فى المسار السياسى خمسة عشر شهرا منذ استفتاء مارس، وشارك بعض أصحاب الدعوات فى المسار ترشحا وانتخابا. وبعض الأسماء المقترحة للمجلس من الخاسرين فى انتخابات الرئاسة. وقد رفضوا الفكرة قبل الانتخابات، حيث كان أبوالفتوح وصباحى مرشحين رأى كل منهما أنه الأحق وبالتالى أهدروا فرصة التوحد، ثم عادوا وأهدروها عندما رفضوا خوض الانتخابات ضمن فريق رئاسى. خاض حمدين وأبوالفتوح فرادى فخسرا بالرغم من أنهما حصلا على 9 ملايين صوت.
بناء عليه من الصعب قبول فكرة أن يدعو من شارك فى المسار السياسى إلى التراجع عن المسار لمجرد أنه خسر. لأنه يطلب بعد خسارته، ما كان سيحصل عليه بالفوز.
نفس الأمر مع بعض من خسروا فى انتخابات مجلس الشعب، ويظهرون فى مؤتمرات ثورية يطالبون فيها بالرجوع عن المسار السياسى إلى مسار ثورى، أى أنهم يريدون تعويض خسارتهم بالاختفاء خلف مطالب ثورية.
وإمعانا فى الارتباك هناك من بين نواب مجلس الشعب الحالى من يتحدث عن مسارات استثنائية تتناقض مع المسار السياسى الذى يشاركون فيه، ويستمرون فى مجلس الشعب، ولا يقدمون استقالاتهم، أى أنهم يريدون ثمار السياسة دون أن يغضبوا الميدان.
هى أزمة الازدواجية، وملاعبة كل الأطراف، واللعب بالبيضة والحجر، بما يقود إلى خطوات وقوانين غير مدروسة ومتأخرة مشكوك فى دستوريتها، وتعيدنا إلى ترزية القوانين. رأينا نوابا يطالبون مجلس الشعب بإصدار قانون بإنشاء محكمة ثورية، تعيد محاكمة مبارك وأعوانه. وهو مطلب تأخر كثيرا، ويدخل فى سياق القوانين الاستثنائية ويعيد أزمة قانون العزل الذى تباطأ البرلمان فى إصداره حتى إغلاق باب التقدم لانتخابات الرئاسة ما جعله بلا فاعلية فضلا عن شكوك فى عدم دستوريته.
المسألة كلها تدخل فى إطار رد الفعل، ولا يتم دراستها وإنما تبنى على اقتراحات عشوائية ومتسرعة تخلو من المنطق. ثم إن من يرفعون هذه المطالب، يواصلون وجودهم فى البرلمان جاهزين لكل المسارات. حزب البيضة والحجر هو الأكثر نجاحا حتى الآن. وقد ينجح أعضاؤه فترة، وقد يكسرون البيضة، ويحطمون رؤوسهم بحجر الانتهازية.