لست خبيرًا أو فقيهًا دستوريًّا - على الرغم من كثرتهم هذه الأيام - ولا أزعم أن دراستى فى الإعلام خلقت لدىَّ معرفة قانونية كافية.. ولكن السؤال الذى قفز إلى ذهنى حال معرفتى بالقرارات الرئاسية المفاجئة، وأهمها فى نظرى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، لأنه هو الذى رتب بعده بقية قراراته، لأنه بدون إلغائه لم يكن من حق الرئيس أن يقيل المشير طنطاوى ولا الفريق سامى عنان.. السؤال هو: على أى شىء أقسم الرئيس محمد مرسى وهو يؤدى اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا حسبما ينص الإعلان الدستورى المكمل الملغى؟!.. ألم يقسم الرئيس على احترام القانون والدستور؟! نعم فعل.. وحينها لم يكن هناك دساتير سوى الإعلان الدستورى المكمل الذى بموجبه ذهب الرئيس إلى المحكمة الدستورية العليا ليقسم أمامها.. وقد تأكد لنا الآن أنه ذهب كرهًا.. وأقسم يمينًا دستورية تكتيكية إن جاز لنا التعبير.. أقسم وهو يضمر فى داخله شيئًا يخطط ويدبر له فى هدوء، أقسم وهو يخفى مشاعر الغضب من الإعلان الدستورى العسكرى المكمل. والسؤال الأهم الآن هو: هل يعتبر قسم الرئيس أمام المحكمة الدستورية العليا باطلاً؟ هل يحتاج الرئيس للقسم من جديد؟ ولكن أمام من هذه المرة؟.. لا وجود لمجلس الشعب أو المجلس العسكرى.. هذا سؤال ثالث أيضًا يكاد يعصف بعقولنا الحمقاء.
الآن استرد الرئيس صلاحياته كاملة، وعلى الشعب الخروج لمساندته.. والآن تجاوز الرئيس صلاحياته وألغى الإعلان الدستورى المكمل، وعلى الشعب الخروج لتقرير مصيره.. هاتان الرؤيتان المتناقضتان هما لخبيرين دستوريين كبيرين، درسا القانون والدستور، كل منهما لديه رأى وحجة ودليل وبرهان على كلامه.. وكل منهما يحظى بثقة ومصداقية كبيرة فى الشارع.. وكل منهما يدعو هذا الشارع للخروج لتقرير مصيره، إما مع الرئيس وقراراته وإما مع العسكر ضد قرارات الرئيس.. والنتيجة التى بكل تأكيد يعلمها الخبيران هى أن الشعب ليس فى حاجة إلى تعميق حالة الانقسام التى يعيشها منذ شهور، والتى تكاد تعصف بمستقبل وطن بالكامل.. ارحموا بسطاء هذا الشعب.. يرحمكم الله.
اللواء العصار الذى أصبح مساعدًا لوزير الدفاع يقول: إن إحالة طنطاوى للتقاعد تمت بعد استشارة المجلس العسكرى.. ماذا يعنى هذا؟ الظاهر فيه أن قادة المجلس العسكرى وافقوا على إقالة المشير وعنان، والخفى فيه أن حالة من الاتفاق غير المعلن تمت مع قادة المجلس بعيدًا عن أعين المشير وعنان، وأن لهذا الاتفاق بنودًا ونصوصًا جرى التفاوض حولها.. من حقنا أن نعلم ماذا حدث؟ من حق الشعب الذى انتخب الرئيس أن يعرف ويفهم ما وراء هذه القرارات فى هذا التوقيت الحرج الذى يخوض فيه الجيش حربًا لتحرير سيناء من الإرهاب.. ثم يفاجأ بإقالة قياداته وهو على أرض الميدان.. الآن على الرئيس أن يخرج ليقول للناس ماذا حدث، ولماذا هذه القرارات، وماذا تعنى الإقالة ثم التعيين فى وظيفة مستشار الرئيس. هل هى وظيفة شرفية.. شكلية.. أم وظيفة لها دور حقيقى وصلاحيات فعلية؟.. هل كل القيادات التى يقيلها مرسى يعينها مستشارين له كما حدث مع الجنزورى من قبل؟ لم يعد السكوت من ذهب هذه المرة سيدى الرئيس.. الكلام الصريح والشفافية هما المخرج الوحيد لهذا البلد من الانقسام المقبل فى الأفق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة