د.عثمان فكرى

صراع المصلحة

السبت، 01 سبتمبر 2012 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غريب حقا أمر الساسة فى بر مصر، كما يقول المثل "لا يعجبهم العجب.."، بُحَّت أصواتهم من الصراخ والعويل، يطالبون بحل مجلس الشعب؛ بسبب بطلان قانون الانتخابات، وعدم دستوريته، وفقا لحكم المحكمة الدستورية العليا.. أشبعوا مرسى نقداً وذماً.. وقالوا عنه إنه يريد أخونة الدولة والقفز على القانون حينما أصدر قراره بعودة مجلس الشعب للانعقاد مرة أخرى حتى تؤول إليه السلطة التشريعية بديلاً عن المجلس العسكرى.

وفى السابق لم يعجبهم أن يمنح المجلس العسكرى نفسه حق التشريع فى غياب مجلس الشعب، واتهموا أعضاءه وقادته بأنهم يريدون لنفسهم وضعاً استثنائيا داخل الدولة، وأن الإعلان الدستورى المكمل باطل من أساسه، وأن بقاء سلطة التشريع فى يد العسكرى يعنى وجود صراع مستتر بين قيادتين، هما الرئيس والمجلس، وأن رئيس الجمهورية فى هذه الحالة هو رئيس بصلاحيات منقوصة، لا تمكنه من أن يفعل شيئاً، وهاجوا وماجوا مطالبين الرئيس بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وحل المجلس العسكرى.

حسنا فعل الرئيس واستجاب لصراخ السياسيين، واتخذ جملة من القرارات الجريئة كان من بينها إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وحل المجلس العسكرى بتشكيلته السابقة، وسحب سلطة التشريع لتصبح فى يد رئيس الجمهورية.

لم يرض الساسة أيضا بهذا القرار. وقالوا إن الرئيس منقوص الصلاحيات أصبح ديكتاتورا جديدا، بصلاحيات لم تكن متاحة لمبارك من قبل، وجمع بين يديه السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفى هذه الحالة يمكن للرئيس أن يصدر ما شاء من قرارات وقوانين تصب جميعها فى اتجاه "أخونة" الدولة المصرية، ومن ثم لا يمكن بأى حال من الأحوال القبول بأن تبقى سلطة التشريع فى يد الرئيس، مع العلم بأن الدستور ينص على أن سلطة التشريع تؤول لرئيس الجمهورية فى الإجازة البرلمانية، إلا أن الساسة كان لهم رأى مخالف، وطالبوا الرئيس بمنح سلطة التشريع للجمعية التأسيسية للدستور، وحتى لا يكون الأمر مجرد تغيير أسماء لا سياسات، حيث إن الجمعية التأسيسية يسيطر عليها من وجهة نظر البعض التيار الإسلامى، طالبوا بإعادة هيكلة تشكيل الجمعية من جديد، وبالطبع البداية من الصفر، ولتذهب الأسابيع التى مضت، والمواد التى اتفق عليها إلى الجحيم!!.. نفر آخر طالبوا بأن يمنح مجلس الشورى سلطة التشريع. فيما اعترض نفر ثالث وأكدوا بطلان هذا المنح؛ لأن الشورى باطل فى أساسه لنفس أسباب بطلان مجلس الشعب.

الرئاسة من جانبها حرصت على أن تؤكد أن الرئيس لن يستخدم هذه السلطة الا بما يخدم الصالح العام ، وفى حالات قليلة، وبعد استشارة العاملين فى المؤسسات التى يخصها التشريع الصادر، وأن كل ذلك سينتهى بمجرد الاستفتاء على الدستور، غير أن هذه المبررات لم تهدأ من ورع الساسة الرافضين لبقاء التشريع فى يد الرئيس.

الأمر كله فى نظرى جدل عقيم، وسباق وتنافس بين مصالح متباينة، بين من يكره الإخوان، ومن يدعمهم، بين من يخشى على عمله ومصالحه، وبين من يرى معهم البداية الحقيقية لحياته، بين أطراف ليس لمصلحة البلد حجم أو قيمة فى نظرهم مقارنة بمصالحهم الشخصية واستثماراتهم وأعمالهم.

من يعترضون على بقاء التشريع فى يد مرسي، لم نسمع لهم صوتا حينما كان المجلس العسكرى يضم فى يده جميع السلطات، وحينما منح المجلس نفسه سلطة التشريع بعد حل مجلس الشعب، وفى المقابل من انتقدوا استحواذ المجلس على التشريع صمتوا على جمع مرسى بين السلطتين. إنه صراع المصلحة ليس أكثر، ولا مكان لوطنى بينهم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة