د.عثمان فكرى

عيشوا كالصقور

الجمعة، 18 أكتوبر 2013 10:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المعلوم أن عمر الصقر قد يصل إلى 70 عاما، ولكن الحكاية كما يرويها الفيسبكيون، أن الصقر لكى يعيش هذا العمر الطويل عليه تقديم تضحيات كبيرة واتخاذ قرارات مؤلمة؛ فعندما يبلغ عمره الأربعون، تعجز أظافره التى كانت تتميز بالمرونة عن الإمساك بفريسته التى هى مصدر غذاءه، وفى نفس الوقت يصبح منقاره القوى الحاد معقوفا شديد الانحناء بسبب تقدمه فى العمر.. ليس هذا فقط، بل تصبح أجنحته مصدر عبء كبير عليه بسبب ثقل وزن ريشها حتى تلتصق بالصدر، وحينها يصبح الطيران فى غاية الصعوبة بالنسبة له، وتتحول حياته إلى جحيم حقيقى، وأمام هذه الظروف يضع الصقر نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يستسلم لقدره ومصيره وينتظر الموت فى أى لحظة، أو أن أن يتخذ القرار المؤلم ويخضع نفسه لعملية تغيير مؤلمة للغاية تستمر عدة شهور، حيث تتطلب العملية أن يحلق الصقر إلى قمة الجبل حيث عشه، ويقوم بالتخلص من مقدمته المعقوفة بضرب منقاره على إحدى الصخور بقوة كبيرة، وهى عملية مؤلمة للغاية، لكن الصقر يتحملها من أجل بداية جديدة، وعند الانتهاء من كسر مقدمة المنقار ينتظر الصقر حتى ينمو المنقار من جديد، ثم يقوم بعد ذلك بكسر مخالبه أيضا بطريقة مماثلة، وبعد أن تنمو مخالب الصقر الجديدة القوية يبدأ فى نتف ريشه القديم والتخلص منه تماما بعد أن أصبح عبئا عليه، ليبدأ رحلته الجديدة فى الحياة وكأنه ولد من جديد... حياة قد تمتد إلى 30 سنة أخرى.

هكذا البدايات الجديدة تتطلب دائما تضحيات كبيرة، وقرارات قد تكون قاسية، وأمور قد يعتقد المرء أنها مستحيلة ولا يستطيع حتى مجرد التفكير فيها، غير أن الحقيقة هى عكس ذلك تماما، وأن ما قد يظنه المرء أنه بعيد المنال، لا يحتاج سوى قرار شجاع وجرئ.. بعض الصقور يستسلم للموت عند الأربعين.. وشجعانها فقط هم من يقررون مواصلة الرحلة حتى النهاية.. فأيهما تحب أن تكون؟.. الاستسلام للظروف السلبية يوجب الذل والهوان.. والإنسان وحده هو من يملك قراره.. تخلص من كل ما تراه عائقا فى سبيل حياتك الجديدة.. دمر كل شىء فاسد فيها، لا تضع فى حساباتك أية موائمات أو توازنات قد تثنيك عن اتخاذ القرار الجرئ.. اصعد مع نفسك فوق كل ما يجرك لأسفل.. احتفظ لحياتك الجديدة بخصالك النافعة فقط، واهزم ضعفك وسلبيتك، وراهن على إرادتك.. كن على قدر المسئولية، وتحمل نتيجة قراراتك.. الصقر لا يتصرف عن جهل أو عن سوء تفكير وتدبير، وإلا فالفشل هو نهايته المحتومة.. إنما يخطط جيدا، ويثق فى إمكاناته، ويعزل نفسه بعض الوقت وهو فى مرحلته الانتقالية.. يبنى أساس حياته بثبات واقتدار، قبل أن يلقى نفسه من جديد وسط عالم لم يعد للضعفاء فيه مكان.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة