يعتبر جدرى الماء "الجديرى المائى" مرض يتميز بظهور طفح جلدى ويسبب الحكة وظهور بقع وحويصلات حمراء (جدرى) فى جميع أنحاء الجسم. وينتشر جدرى الماء، بشكل أساسى، لدى الأطفال، لكن معظم الناس يصابون بمرض جدرى الماء فى مرحلة ما من حياتهم، فى حال لم يتلقوا اللقاح.
يقول الدكتور مأمون عاشور، أستاذ الجهاز الهضمى والكبد بطب عين شمس، عندما يصيب جدرى الماء أطفالا أصحاء فإن جدرى الماء فى غالبية الحالات لا يسبب مرضا خطيرا. لكنه يمكن أن يشكل مشكلة للنساء الحوامل، الأطفال الرضع، المراهقين، والبالغين، حيث تصعب على أجسامهم مهمة محاربة الفيروس.
وفى معظم الحالات، الأشخاص الذين أصيبوا بمرض جدرى الماء مرة واحدة، لا يصابون به مرة أخرى. لكن الفيروس يبقى فى أجسامهم لفترة طويلة بعد أن يتماثلوا للشفاء. إذا أصبح الفيروس فعالا مرة أخرى، فقد يسبب تلوثا فيروسيا مؤلما، يدعى الهربس النطاقى. (Herpes Zoster).
ويقول، إن أعراض جدرى الماء الأولى تتمثل عادة، فى: الحمى، الصداع، أوجاع فى الحلق، شعور بالضعف، التعب وفقدان الشهية. يتميز الطفح الجلدى المصاحب لمرض جدرى الماء بظهوره بعد يوم واحد أو يومين من ظهور أعراض جدرى الماء الأولى.
عند بعض الأطفال يظهر الطفح بدون حمى أو أية أعراض مبكرة أخرى، وعادة ما تظهر أعراض جدرى الماء لمدة 14: 16 يوما، بعد ملامسة شخص يحمل الفيروس. تسمى هذه الفترة "دور الحضانة" (Incubation period) .
بعد ظهور بقعة حمراء تميز مرض جدرى الماء، فإنها تجتاز جميع المراحل خلال يوم أو يومين، فى الغالب، بما فى ذلك: الحويصلة تفتق الحويصلة، تكون والاكتساء بقشرة خارجية. خلال فترة تمتد من 5: 7 أيام، تظهر كل يوم بقع حمراء جديدة، بشكل يومى.
ويشير الدكتور مأمون أن هناك أمراض أخرى لها أعراض تشبه أعراض جدرى الماء. لذلك، هنالك أشخاص يظنون، خطا، بأنهم أصيبوا بجدرى الماء مرتين، بينما الحقيقة أنهم أصيبوا بعدوى مختلفة فى كل مرة.
ويقول، من الممكن الإصابة بمرض جدرى الماء عن طريق العطس، أو السعال من قبل شخص مصاب بالعدوى، أو عن طريق مشاركة الطعام مع شخص مصاب بالعدوى. كذلك، من الممكن الإصابة بمرض جدرى الماء عند لمس السائل الموجود فى الحويصلة نفسها.
يستطيع الشخص المصاب بمرض جدرى الماء نشر الفيروس حتى قبل أن تظهر لديه أية أعراض للإصابة بمرض جدرى الماء. ينتشر جدرى الماء بسهولة أكبر قبل يومين إلى ثلاثة أيام من ظهور الطفح الجلدى وحتى يتم كسو كل الحويصلات بالقشرة.
الأشخاص الذين لم يصابوا بمرض جدرى الماء من قبل، أو الذين لم يتلقوا اللقاح، معرضون للإصابة بمرض جدرى الماء. والأشخاص الذين يعيشون مع شخص مصاب بمرض جدرى الماء هم أكثر عرضة للإصابة بمرض جدرى الماء، نتيجة الاتصال القريب.
وينوه إلى أن تشخيص جدرى الماء يتم من خلال طبيب الأطفال بتوجيه عدد من الأسئلة التى تتعلق بالأعراض ويقوم بإجراء فحص جسمانى. وهذه الإجراءات توفر للطبيب، عادة، معلومات كافية لكى يقرر ما إذا كان المريض مصابا بمرض جدرى الماء أم لا.
والأطفال الأصحاء الذين تظهر لديهم أعراض جدرى الماء قد لا يحتاجون إلى زيارة الطبيب. من الممكن أن يصفوا الأعراض للطبيب عبر الهاتف. بهذه الطريقة، لا يحتاج الطفل إلى الخروج من المنزل وتعريض المحيطين به لخطر الإصابة. ومع ذلك، من المهم استشارة الطبيب، لأنه يحتمل أن يحتاج الطبيب إلى معاينة الطفل المصاب.
يجب على الشباب، البالغين، النساء الحوامل والأشخاص المرضى مراجعة الطبيب فى حالة الإصابة بمرض جدرى الماء.
هذا الأمر هام جدا للنساء الحوامل، بشكل خاص، لأن جدرى الماء فى مراحل مبكرة من الحمل يمكن أن يسبب تشوهات خلقية. فى البداية يجب الاتصال بالعيادة لتحديد موعد مع الطبيب والسؤال عما إذا كانت هناك خطوات يجب القيام بها، لمنع انتشار الفيروس عند القدوم إلى العيادة. على سبيل المثال، يمكن لطاقم العيادة أن ينقل المريض إلى غرفة الفحص، مباشرة، وتجنب مكوثه فى غرفة الانتظار.
أما بالنسبة للعلاج فلا يحتاج الأطفال الأصحاء والبالغون المصابون، غالبا، سوى إلى علاج منزلى فقط (لا داعى لدخول المستشفى). العلاج فى المنزل يشمل الراحة وتناول أدوية لخفض الحمى والتخفيف من الحكة أيضا.
الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة، أو الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية إضافية، قد يحتاجون إلى علاجات إضافية مختلفة..
يستطيع الطبيب وصف الأدوية بعد وقت قصير من التعرض للفيروس، من أجل تقصير فترة الشفاء.
ويؤكد الدكتور مأمون أنه بالإمكان الوقاية من الإصابة بمرض جدرى الماء بواسطة تلقى اللقاح. وينصح الأطباء بإعطاء جرعتين من اللقاح للأطفال الأصحاء فى سن سنة واحدة وللأطفال الأكبر سنا، الذين لم يصابوا بمرض جدرى الماء بعد. كذلك من المفضل أن يتلقى الأطفال الأكبر سنا والبالغون الذين لم يصابوا بمرض جدرى الماء ولم يتلقوا اللقاح، جرعتين من اللقاح.
غالبا، لا تظهر عند معظم الأطفال أية أعراض أو آثار جانبية للقاح. يجب مراجعة الطبيب قبل إعطاء اللقاح لطفل مصاب بمرض خطير أو مزمن. فهذا اللقاح قد يولد لدى هؤلاء الأولاد أعراضا جانبية خطيرة.
الشخص الذى لم يصب بمرض جدرى الماء من قبل ولم يتلق اللقاح وقضى فترة من الزمن بصحبة شخص مصاب بالفيروس، يمكنه أيضا منع الإصابة بمرض جدرى الماء بواسطة تلقى حقنة من اللقاح، أو من مضادات جدرى الماء، بصورة فورية.
فى حالات نادرة، قد يصاب أشخاص بمرض جدرى الماء على الرغم من تلقيهم اللقاح. كذلك هو الأمر بالنسبة لمن أصيب بمرض جدرى الماء من قبل، إذ قد يصاب بمرض جدرى الماء مجددا. فى مثل هذه الحالات تكون الإصابة الثانية بمرض جدرى الماء أقل حدة واخف وطأة، إذ تظهر بقع قليلة فقط وتكون الأعراض الأخرى اقل حدة. هذه الحالات تدعى "العدوى المنتشرة".
يجب عدم تعريض الأولاد إلى مرض جدرى الماء بصورة متعمدة. هنالك أهال يعرضون أولادهم لمرض جدرى الماء بشكل مقصود ومتعمد، ظنا منهم بان الإصابة بمرض جدرى الماء فى سن مبكرة هى أكثر أمانا. لكن هذا الاعتقاد خاطئ وينطوى على فكرة غير جيدة، لأن الأولاد الصغار أيضا معرضون للإصابة بمشاكل صحية خطيرة نتيجة لمرض جدرى الماء.