تلقيت خلال الأسبوع الماضى دعوة كريمة من مكتب مستشار رئيس الجمهورية لشئون المرأة والاسرة الدكتورة، أميمة كامل.
وكان الغرض هو حضور ورشة عمل مصغرة حول موضوع "الإعلام والعنف ضد المرأة" بمقر المستشارين برئاسة الجمهورية، وتحت إدارة الدكتور بسيونى حمادة، المستشار الإعلامى، لمبادرة حقوق المرأة المصرية، وبحضور عدد كبير من الإعلاميين الممارسين والأكاديميين. يتقدمهم الدكتور سامى الشريف أستاذ الإعلام، وعماد الدين حسين رئيس تحرير الشروق، والإعلامية دينا عبد الرحمن، والأستاذ علاء بسيونى رئيس القناة الفضائية الثانية.
دار اللقاء، وعلى الرغم من أنه كان مخصصا بشكل أساسى لمناقشة وتحليل المعالجات الإعلامية لقضايا العنف والتحرش ضد المرأة المصرية، غير أن اللقاء تجاوز ذلك إلى مناقشة دور الإعلام فى الحياة السياسية بشكل عام خلال الفترة الماضية، ويمكننى أن أسجل ملاحظاتى على اللقاء على النحو التالى:
لم أكن أعرف الدكتورة أميمة كامل من قبل، ولكنى شعرت بألفة كبيرة فى حوارها، خاصة قناعتها الشخصية بحرية الإعلام فى تناول وطرح القضايا بكل أبعادها وزواياها فى إطار من المسئولية الاجتماعية.
"فوضى الحرية أم انضباط الاستبداد".. هذا ما طرحه الدكتور بسيونى حمادة، مشددا على اختياره فوضى الحرية، وتأكيده على أن البحث عن أرض وسطى بين المنادين بحرية مطلقة للإعلام، وبين المطالبين بوضع قيود على هذه الحرية المنفلتة، هو المخرج الوحيد لهذا الخلاف، وأن الحرية مصحوبة بالمسئولية الاجتماعية قد تكون هى هذه الأرض الوسطى.
الأستاذ علاء بسيونى طالب بما وصفه "ضبط الجرعة" كحل وسط بين الإعلاميين الراغبين فى طرح جميع القضايا للنقاش فى وسائل الإعلام مهما كانت خطورتها أو حساسيتها، وبين بعض الأكاديميين الذين طالبوا بمراعاة مصالح الوطن، وليس مصالح وسائلهم الإعلامية فى طرحهم للقضايا ومناقشتها.
الإعلاميان عماد الدين حسين ودينا عبد الرحمن اتفقا على أن الإعلام هو مرآة عاكسة للواقع المعاش، لا يصنع الحدث، ولكنه يعالجه ويناقشه.. وأن توقف الإعلام عن مناقشة قضايا العنف ضد المرأة، لن يوقف هذا الفعل، ولن يمنع حدوثه.. وأن التعتيم على الحدث ليس من مصلحة المجتمع، لكنه يساعد فى علاج المشكلة، ويوعى الناس بها، وبكيفية مواجهتها.
وتحدثت أنا عن التوظيف السياسى للعنف فى وسائل الإعلام، وأن غلبة نفوذ أصحاب المصالح على مهنية الجماعة الإعلامية أوقع وسائل الإعلام فى فخ استغلال حوادث التحرش فى الفترة الماضية لمهاجمة فصيل معين من أجل حسابات سياسية ومغانم حزبية وشخصية لا تراعى حق الوطن ولا المواطن.
وفى النهاية خرجت الحلقة النقاشية بعدة توصيات هامة أبرزها، التأكيد على حرية الإعلام فى طرح ومناقشة جميع القضايا فى إطار من المسئولية الاجتماعية ومراعاة صالح الوطن، وأن وضع ميثاق شرف إعلامى رادع هو أمر بات حتميا وملحا فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن، والتى يلعب فيها الإعلام دورا بارزا فى التأثير فى مستقبل الوطن، مع دعوة منتجى الأعمال الدرامية وكتاب السيناريو والمخرجين لاحترام مكانة المرأة المصرية وقدرها فى تاريخ المجتمع المصرى، وإبراز النماذج الإيجابية فى الدراما، وكذا الإعلانات قدر الإمكان من أجل تحسين صورتها وإظهارها بما يليق بتاريخها فى العمل الوطنى.
ما خرجت به من هذا اللقاء هو أن الإعلام ليس شيطانا رجيما يريد غواية المجتمع ودفعه نحو الهاوية، كما أنه ليس ملاكا يطرح ويناقش قضاياه بحسن نية، ولا يأمل من وراء ذلك سوى الوصول إلى الحقيقة ولا شىء عداها.. الإعلام باعتراف الإعلاميين أنفسهم يعج بالأخطاء الفادحة، ولكن ليس الحل فى فرض القيود أو الغلق والمنع، ولكن الرقابة الذاتية من الإعلاميين أنفسهم، وفى إطار قانونى رادع هو الطريق الأسلم لغلق الطريق أمام أية محاولات هدفها تكميم الأفواه وحجب المعلومات عن الناس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة