حيرنى قرار مجلس الشورى المفاجئ بالعودة إلى مناقشة قانون السلطة القضائية يوم 25 مايو الجارى، فى تفسير ما حدث قيلت آراء أقرب إلى الاجتهادات، منها ما اعتبره البعض بأنه لعبة توزيع أدوار بين الرئيس وجماعة الإخوان ممثلة فى حزبها الحرية والعدالة وأتباعها من حزب الوسط والجماعة الإسلامية، غير أن نائب الشورى عن حزب الحرية والعدالة الدكتور ماجد الحلو قال صراحة إنه كان هناك توجه بالتهدئة إلا أن تحديد المحكمة الدستورية لموعد الفصل فى حل مجلس الشورى، أدى إلى تغيير موقفهم على الفور وأصبح لديهم شعور بعدم الاطمئنان للقضاة.
هذا الكلام أعتقد أنه الأقرب إلى الصح، فلا يعقل أن يتم إعادة فتح هذا الملف بعد تهدئة الرئيس له دون داعٍ، غير أن الفداحة تكمن فى أن القضية لم تعد تخضع للمصلحة السياسية، وأن مجلس الشورى يمضى فى مناقشة قانون بديمقراطية صحيحة، ونزاهة فى التعامل السياسى، وإنما تسير الأمور بأسلوب الكيد، ومصارعة لمس الأكتاف، والدليل تلك الانتفاضة لنواب الإخوان وإخوانهم فى الشورى بالتصميم على مناقشة القانون، طالما ستحكم المحكمة الدستورية فى حل الشورى.
هى لعبة الكيد التى تصل إلى حد وضع مؤسسات الدولة فى حالة تصارع، والرغبة فى تعاملها بأسلوب «سيب وأنا سيب»، كما أنها تكرر وبأسلوب يختلف عن مأساة محاصرة المحكمة الدستورية أثناء نظرها قضية حل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، وعلى وقع هتافات المحاصرين للمحكمة: «إدينا الإشارة نجيبهم لك فى شيكارة» استمر الحصار أياما، ولم تستطع المحكمة نظر القضيتين.
نحن الآن أمام محاولة حصار جديد، ولكن بأسلوب مختلف، غير أن الحصار هذه المرة يتم لكل أطياف القضاء، وهو ما يعنى تجدد لهيب الحرب التى حاول مرسى إطفاءها قبل أسابيع باقتراحه تنظيم مؤتمر للعدالة، تحضره مؤسسات القضاء ويعد قانونا للسلطة القضائية بدلا من القانون الذى قدمه حزب الوسط، وآخر قدمه «الحرية والعدالة».
فى إعادة فتح هذه المعركة، مخطئ من يقرأها على نحو أنها تتم بعيدا عن الرئيس، وأنها دليل على أن مرسى يلعب الشوط وحده رغبة منها فى الاستقلالية عن جماعته، فقياسا على ما فعله من قبل فى قراره بعودة مجلس الشعب رغم حله من المحكمة الدستورية، وإصداره للإعلان الدستورى الاستبدادى، وصمته على حصار المحكمة الدستورية، يعنى أنه على دراية تامة بما يعتزم مجلس الشورى فعله.
لم تتوقف «الجماعة» وإخوانها أمام حالة الاستقطاب الحادة التى ستحدث من جديد مما تفعله، ولم تعر اهتماما لهبة جديدة من القضاء ستكون أشد سخونة مما مضى.
وفى هذه الأجواء لا يصح ترديد أسطوانات مشروخة كتلك التى يرددها بعض قادة «الحرية والعدالة»، وقانونى ونائب فى الشورى وعضو فى اللجنة القانونية للرئيس مرسى هو الدكتور جمال جبريل، الذى قال إنه ليس من حق القضاة الاعتراض على عمل المجلس التشريعى، ورأيهم غير ملزم لمجلس الشورى، وإن الدستور نص على أخذ رأى القضاة فى قانون السلطة القضائية، لكن هذا لا يجعل القضاة يتدخلون فى عمل السلطة التشريعية، هذا القول لـ«جبريل» هو من قبيل صب الزيت على النار، ورأى يشجع على الاستقطاب لأن مقصده هو جعل «الشورى» ترزى قوانين ظالمة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة