د.عثمان فكرى

صديقى الملتحى

الأحد، 23 يونيو 2013 01:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لى صديق ملتحى، يطلق لحيته عملا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم أسمع منه يوما أنه منضم لحزب إسلامى أو جماعة دينية، لا علاقة للحيته بأى مكون آخر فى شخصيته، فهو متسامح ووسطى، يفعل ما نفعله جميعا فيما يتعلق بغض البصر، والكف عن غيبة الناس.. لم أضبطه يوما متلبسا برأى متشدد فى مسألة فقهية أو ناهرا أى من زملاء العمل عن تصرف ما يرفضه، لا يقحم نفسه أبدا فى شئون من حوله، ويرفض كثيرا من الأوضاع الحالية فى ظل حكم جماعة الاخوان المسلمين.. أقول لكم هذا بمناسبة ما بدأ يتعرض له صديقى هذا من مضايقات فى الشارع أو السوبرماركت بسبب لحيته.. وكان آخرها وهو يسير بسيارته حيث تعرض له مواطن فى الشارع ماسكا عصاه الغليظة "شومة"، ومعترضا السيارة، وهو يصرخ فى وجهه ويضرب السيارة بيديه بشدة، ويردد "يسقط يسقط حكم المرشد" مش هنسيبكم يا ولاد ..."، لم يصدر عن صديقى أية ردة فعل، لا أظهر غضبا ولا ودا، ولا ترجل من سيارته محاولا نهى الرجل عما يفعله بالسيارة، كان يدرك فى أعماق نفسه أن القرار السليم هو الصمت، وانتظار أن يتخلص الرجل من شحنة غضبه، ويبتعد عن طريق السيارة، فيرحل مسرعا، وهو ما حدث.

كان يعى أن أى تصرف آخر، يمكن أن يفجر الموقف بأكمله، ويحول الشارع لساحة عراك بين مصريين مسلمين أحدهما ملتحى والآخر حليق، سوف ينتهى الأمر فى جميع الأحوال بخاسر.

لم يكن صديقى ليقبل بهذا، فترك الرجل غير عابئا بما قاله وانصرف.

أتذكر حينما بدأ المجتمع المصرى يعرف بعض من وصفهم الأعلام بجماعة الأمر بالمعروف، الذين تجرأوا على استيقاف الناس فى الشوارع ليعملوا فيهم ما قالوا إنه شرع الله ودينه، وهم عنه ببعيد، وانتفض الإعلام وقتها منددا بهذه الظاهرة التى كادت أن تعصف بأهم قيم المجتمع المصرى وهى السماحة، وفى اعتقادى أن الإعلام المصرى كان له دور فعال ومحترم فى تحريك كافة أجهزة المجتمع وتوعية المواطنين للتصدى لهذه القضية الخطيرة حتى بتنا لا نسمع عنها شيئا.

واليوم بات الإعلام مطالبا بدور مماثل فى التنبيه مبكرا لقضية مماثلة، وإن كنت أخشى أن تكون وسائل الاعلام قد لعبت دورا سلبيا فى إزكاء نار الصراع بين الطرفين.. أصحاب اللحى الذين أوغلوا قلوب الكثير من المصريين بسبب آراء بعضهم وتصرفاتهم الشاذة والغريبة والبعيدة عن أية قيم أخلاقية ودينية حتى كادوا أن يبغضوا الناس فى الإسلام.

وبين بقية أبناء المجتمع من مسلمين وأقباط.. عاشوا فى رعب جراء تضخيم الصورة التى يتم ترويجها عن هذه القلة، حتى أصبح جميع الملتحين وكأنهم أعضاء فى تنظيم القاعدة.. يخفون تحت جلاليبهم السلاح وينتظرون ساعة الصفر للانقضاض على الدولة.

ما حدث لصديقى الملتحى، أزعم أنه تكرر مع آخرين، ومؤكد أنه سيتزايد طوال الأيام القليلة القادمة، خاصة مع هذا الشحن الإعلامى المكثف والمحرض ضد تيارات الإسلام السياسى بشكل عام والذى لم يعد يفرق فى كثير منه بين ممارسى السياسة وأهل الحكم، وبين أبناء الشعب المتدين بطبعه وكثير منه يطلق لحاه.

اختم بما قرأته مؤخرا فى مقال لكاتب مرموق بصحيفة خاصة يقول نصا: "إن الإخوان فعلوا كل ما يجعلهم هدفا للغضب والكراهية إلى الحد الذى بدأت فعلا مطاردتهم فى الشوارع، وهو ما لم يحدث مع الحزب الوطنى وعصابة مبارك نفسها".. لا تعليق.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة