سعيد الشحات

السواد والبياض فى علاقتنا بأفريقيا

الإثنين، 03 يونيو 2013 07:45 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل نعادى إثيوبيا لأنهم سود، وهل نعادى أفريقيا لأنها شعوبها سوداء البشرة ونحن بيض؟ هل نعاديها لأنهم يطلون علينا كالعبيد؟ هل نعاديها لأن شعوبها ليست مسلمة؟ فيما يعنى أنها لا تحب الخير لمصر المسلمة.
فرضت تلك الأسئلة نفسها فى قلب الجدل المحتدم حول خطوة إثيوبيا بتحويل مجرى النيل، تلك الأسئلة سمعت الإجابة عنها بنفسى من ناس بسطاء تباروا فى إثبات أننا جنس متفوق فى بياض بشرته، وأن أفريقيا «الحقودة» علينا تبحث عما يعكر حياة المصريين.
هذا فهم يحمل نذير شئم فى العلاقات بين الشعوب، فهم ربما يقودك إلى أن البوصلة النفسية للمصريين تجد انبساطها فى التعامل مع أصحاب البشرة البيضاء، تتطلع نحو أوربا وأمريكا، حيث النماء والرفاه والعيش الرغد، أما أفريقيا فلا يأتينا منها إلا الشقاء، هذا فهم لا يؤسس لعلاقات شعبية جيدة مع هؤلاء «السود» الذين يأتى من عندهم النيل فيحول أرض مصر إلى خضرة وخير ونماء.
فى التسعينيات من القرن الماضى أجريت تحقيقا مطولا عن الطلاب الأفارقة فى مصر، وقابلت العشرات من طلاب الدول الأفريقية الذين يدرسون فى جامعة الأزهر، حدثونى عن معاناتهم فى مصر، عن المطاردات التى تتم ضدهم، وعن أن بعضهم يضطر إلى المبيت فوق سطح الأزهر لعدم قدرتهم على تلبية مصاريف السكن ومواجهة أعباء الحياة، قال لى أحدهم وكان يشغل رئيس اتحاد طلاب غرب أفريقيا، إن بعض الأجهزة تتأفف فى التعامل معهم نتيجة سواد بشرتهم، وشرح لى أن هذه النظرة يتعامل بها بعض المصريين معهم.
قبل سقوط نظام مبارك بنحو عام قابلت مسؤولا وزاريا هبت عليه علامات «الأفرقة» فجأة، ظل يشرح لى كيف سيعمق العلاقات مع أفريقيا، ومما قاله: «هم ناس غلابة، أهم حاجة ندعوهم لزيارة مصر، ونبسطهم ونعطيهم هدايا، فيعودون مبهورين، أنت عارف هم ناس سود»، صدمنى الرجل بهذه النظرة وذاك الفهم، فتحدثت معه عن أن هؤلاء السود يتقدمون الآن، وعدت معه إلى جهود مصر السابقة فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى من أجل إقامة علاقات قوية مع القارة السمراء لم يكن فيها مجال لـ«سواد وبياض» البشرة، وكان لافتا لى أننى حين تحدثت عن دور رجل عبدالناصر فى أفريقيا محمد فايق، فوجئت بـ«المتأفرق» لا يعرف شيئا عما قام به هذا الرجل العظيم من دور رائد فى أفريقيا، والذى بدأ ببحثه عن الطلاب المسلمين الأفارقة الذين يدرسون فى الأزهر، وربطهم بالثورة المصرية ليكونوا امتدادا لها بعد عودتهم إلى بلادهم، وليس سرا أن تحويل جامعة الأزهر إلى جامعة عصرية يتم فيها دراسة العلوم كان ضمن أسبابه أن يأتى طلاب أفريقيا إليها بدلا من سفرهم إلى الغرب.
فى الحديث عن الدبلوماسية الشعبية مع القارة السمراء، ومنها دول النيل، لابد أن يكون هناك فهم عميق لنفسية «الإفريقى الأسود» مع «المصرى» الذى يتصور أنه «أبيض»، والقضية هنا لا تخضع لعلاج نفسى فى العيادات الطبية، وإنما عبر علا قات تؤسس لها منظمات شعبية، وعلاقات لمشاريع اقتصادية تتمتع بالكفاءة والمصلحة المتبادلة، والأهم أن لا يكون بين المسؤولين المعنيين بهذا الملف «متأفرق»، يرى أن «السود» يمكن أن الضحك عليهم، ولنا فيما فعلته إثيوبيا السوداء أسوة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة