اتفق معى كثيرون فى أنهم لم يشعروا بشكل كامل بروحانيات شهر رمضان الكريم كما اعتادوا.. شغلتهم أخبار الاعتصامات والاشتباكات والقتلى والمصابين .. أربكتهم الأحداث التى تجرى فى سيناء.. غضبوا وحزنوا عند سماع أخبار الشهداء من الجنود على يد الإرهاب الأسود.. غير قطع الطرق وإغلاق الشوارع الذى منع خططهم فى زيارة الحسين وخان الخليلى والسيدة نفيسة.. اختاروا لنفسهم حبسا إجباريا فى المنزل أمام التلفزيون لمشاهدة كم هائل من الأعمال الدرامية التى زادت الطين بلة، ولم يراع صانعوها أية قيم أخلاقية وروحية للشهر الفضيل، وطفحت مسلسلاتهم وبرامجهم من الألفاظ البذيئة والملابس العارية ما هو كفيل بضياع الصيام والقيام والتعبد.
لم يختلف العيد فى فعالياته عما مضى.. فقد وقعت العديد من أعمال التحرش فى كثير ممن المتنزهات العامة والشوارع والحدائق وسط غياب لأية خطط أمنية جرى الحديث عنها كالمعتاد فى نهاية الشهر الفضيل، فأين الكاميرات التى أعلن عن تركيبها قبل عدة أشهر من أجل مراقبة المتحرشين وإلقاء القبض عليهم؟.
وقعت أيضا العديد من حوادث الطرق والغرق وسقط العديد من الأبرياء.. زاد على ذلك الاشتباكات التى وقعت فى عدة محافظات بين أنصار الإخوان ومعارضيهم.. لم نعد نراعى قيما ولا دينا ولا ضميرا.. أصبحنا نستبيح القتل والدماء حتى فى الأشهر الحرم.. وكان الأولى بجماعة تتشدق بالدين وترفع شعار نصرة الإسلام أن تراعى حرمة الشهر وأيام العيد، وأن تتوقف عن إطلاق المسيرات وإغلاق الشوارع، وتعمد استفزاز المواطنين، وأن تتجنب الاشتباكات وتحقن دماء شباب المصريين.
قالت الحكومة إن حرمة الشهر الفضيل منعتها من الأقدام على فض اعتصامى رابعة والنهضة، بالتأكيد هو أمر طيب، ولكن لا يخفى ذلك أن هناك خلافا بات واضحا بين مسئولين فى القصر الرئاسى ورئيس الوزراء حول طريقة فض الاعتصام وما يمكن أن يخلفه ذلك من دماء سوف تلحق ضررا بالغا بسمعة مصر الثورة.. المسئول الرئاسى لا يريد أن يناقض نفسه وتاريخه، فهو أول من يدين سقوط الضحايا ويعتبرها مقياسا دالا لشرعية الحكم.. ورئيس الوزراء وحكومته حصلا على تفويض شعبى بالتعامل مع الإرهاب والعنف، ومن ثم بات عليهما العمل بهذا التفويض، خاصة مع ضغوط داخلية هائلة من سياسيين ومثقفين وأحزاب وإعلام تطالب بالتعامل مع الاعتصامات الإخوانية بالحزم والحسم السريع.. الأمر الذى انتظر معه أن يتقدم المسئول الرئاسى باستقالته قريبا جدا، بما يخلف وراءه تداعيات ليست هينة على ثقة النظام الدولى فى الإدارة المصرية الجديدة.. وهى ثقة ليست راسخة بالأساس.
التسريبات التى خرجت من الداخلية متناقضة، ولا تستقر على رأى واحد بشأن فض الاعتصامين.. هل بالتدخل المباشر والسريع.. أم الفض التدريجى الذى يستغرق وقتا طويلا، وقد لا يلبى طموحات المفوضين والمطالبين بحل سريع ؟، وكأن إنهاء اعتصامى رابعة والنهضة ينهى الإخوان ومناصريهم من الوجود، ويحل المسألة من جذورها.. الإخوان لديهم خططهم البديلة.. اعتصامات جديدة.. مسيرات يومية فى العديد من الأماكن الحيوية.. فكيف ستتعامل الشرطة.. هل ستتفرغ تماما لفض مسيرات واعتصامات الإخوان.. أم أنها تعتقد أن إلقاء القبض على رؤوس الجماعة كفيل بالقضاء على عزم وهمم شبابها ؟ النتيجة قد تكون عكسية وغير مأمونة.
وأخيرا.. لعنة الله على السياسية.. حينما تصبح مصائر الأوطان وأرواح البشر ومستقبل الأمم.. مجرد حسابات سياسية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة