د.عثمان فكرى

البرادعى.. الظالم والمظلوم

الخميس، 15 أغسطس 2013 11:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مقالى الأخير، منذ عدة أيام، توقعت استقالة الدكتور محمد البرادعى من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، وتوقعت أيضا أسباب الاستقالة.. قلت إن البرادعى بتركيبته النفسية التى تختلط بين المثالية والضعف الإنسانى لن يتحمل أن يشارك فى قرار فض اعتصامى جماعة الإخوان المسلمين فى رابعة والنهضة وتوابعهما..

لا تقسوا على الرجل.. هذه هى حدود ما يمكن أن يقوم به.. لا يتحمل أن تكون قراراته موضع جدل أو خلاف داخلى أو خارجى.. البرادعى يعيش أكثر من نصف حياته فى العالم الافتراضى عبر اليوتيوب.. حينما نزل إلى أرض الواقع لم يجد المدينة الفاضلة التى كان يحلم بها.. السياسة وشئونها لم تكن يوما موضع اتفاق كامل بين لاعبيها وصناعها.. لكل قرار مؤيديه ومعارضيه.. البرادعى يبحث دائما عن الإجماع وليس عن الغالبية، يبحث عن مثالية فى العمل السياسى ليست موجودة إلا فى ذهنه فقط.. باختصار شديد البرادعى ليس رجل دولة يمكنه أن يتخذ قرارا ضخما ويتحمل مسئوليته بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع القرار.. انسحب من سباق الرئاسة من قبل لأنه لم يتحمل شعور باحتمالية خسارته الانتخابات، فضل أن يبقى الحلم والأمل.

الآن يواجه الرجل عاصفة عاتية من النقد حتى من أقرب الناس إليه، رفاق الدرب، وحملة شعلة التغيير معه طوال السنوات الماضية.. يتهمه البعض بالهروب.. والبعض الآخر بالخيانة.. والبعض الثالث بالعمالة.. دون دليل سوى استنتاجاتهم وتحليلاتهم وأغراض نفر منهم فى البحث عن أقرب مدفن سياسى للرجل.. صحيح أن رحيل البرادعى الآن يمثل ضربة قوية لإدارة المرحلة الانتقالية، ويقدم الذرائع على طبق من ذهب لكل من يترصد الأخطاء لصانع القرار فى هذه المرحلة..

قلت هذا أيضا فى مقالى السابق، وصحيح أيضا أن البرادعى يدرك جيدا أن تبعات قراره لن تكون هينة أبدا، وستجلب عليه اتهامات الخيانة والعمالة من كثير ممن حوله.. وستفقده أيضا رصيدا ضخما من الشعبية والجماهيرية التى صنعت له عبر السنوات القليلة الماضية، حتى أن البعض كان يتحدث عنه دائما بوصفه أيقونة الثورة، وشعلتها التى لا تنطفئ.. أى أن الرجل يدرك تبعات قراره جيدا.. وإعلانه الاستقالة وبث نصها دون خوف أو تردد، يعنى أن لديه قدرة على تحمل تبعاتها..

مرة ثانية أطالبكم بكف أقلامكم والسنتكم عن الرجل، واتهامه بما ليس فيه.. ومرة أولى وأخيرة أطالب الرجل أن يبتعد عن الحياة السياسية برمتها بعد أن أيقن أنه ليس من رجالها، ولا هى من مجالات إبداعاته وفلتاته "لكل مجال رجاله" ولكل شخص قدرة على التحمل.. ارحموا الرجل يرحمكم الله.. "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة