هل انتهت جماعة الإخوان المسلمين فى مصر؟ هل أخطأ التنظيم الدولى حين اختار خيار المواجهة؟ هل أساء قيادات الداخل والخارج إدراك الأمور حين فضلوا الوقوف أمام إرادة القسم الأكبر من الشعب المصرى فى التغيير؟ الحسابات السياسية تقول أن السياسة هى فن الممكن.. وإنه لا يوجد فائز أو خاسر دائم طول الوقت.. وإنه طالما استمرت اللعبة السياسية فإن كل الفرص تبدو واردة ومتاحة للجميع.. بل إنه بقليل من التفكير خارج الصندوق فإن الجماعة كان يمكنها أن تقدم نموذجا مثاليا فى نزول الحاكم على رغبة شعبه حتى لو كانت هذه الرغبة ضد شرعية الصندوق.. كان يمكّن للجماعة أن تحول خسارتها السياسية إلى مكسب شعبى كبير.. وأن ثبتت للعالم أنها جماعة وطنية تعلى صالح الوطن لا صالح التنظيم، وأن هدفها لم يكن يوما هو احتكار حكم الدولة المصرية ولا إقصاء بقية أطراف المجتمع السياسى من مشهد إدارة البلاد.. كانت أمام الجماعة فرصة ذهبية بحق لتقول للعالم أجمع أنها تمارس الديمقراطية فى أبهى صورها وهى تتنازل طواعية عن حلم طال انتظاره عشرات السنين.. حلم حكم الدولة الأكبر والأهم فى الشرق الأوسط.
لقد جلست مع نفسى اتخيل كيف هو الحال إذا كان الرئيس المعزول قد خرج على شعبه فى 30 يونيو ليقول لهم بكل شفافية ووضوح إنه مع إيمانه الكامل بشرعية حكمه فإنه يفضل أن يترك مكانه ومنصبه ليحقن دماء الأبرياء من أبناء وطنه.. وأنه على ثقة كاملة فى أن الشعب المصرى صاحب الشرعية ومانحها الأول والأخير يدرك صالح هذه الأمة.. وأن خروجه بهذه الأعداد الغفيرة ﻻ يعنى سوى أن الحاكم فشل فى أن يصل إلى شعبه وأن عليه أن يعيد حساباته مرة أخرى.. ماذا كان يمكن أن يحدث لو خرج الدكتور محمد مرسى معتذرا للشعب عن تقصيره فى تحقيق طموحات وآمال وأحلام الكثيرين من أبنائه.. ومقدما وعوده بأداء أفضل فى حال أن شرفته الجماهير بالاختيار لمرة ثانية.
قد يقول البعض بأن هذه المثالية ﻻ مكان لها فى عالم السياسة وأن السذج فقط هم من يتركون أحلامهم التى طال اتتظارها ويقدمونها على طبق من ذهب لمنافسيهم.. وأن أقول أن هذه المواقف الجريئة غير المسبوقة هى وحدها التى تصنع الزعماء وتضعهم فى مكانة خاصة للغاية فى تاريخ الشعوب وذاكرة الأمم.. فمن كان يتوقع ما فعله السادات وهو الزعيم المنتصر حين قرر الذهاب إلى اسرائيل وفوجئ العالم أجمع وهو يلقى خطابه التاريخى فى الكنيست الإسرائيلى.. ثم أن تاريخ الدولة الإسلامية ملئ بالنماذج التى قدمت حياتها فداء دماء الأبرياء من المسلمين.. ولنا فى خليفة المسلمين عثمان بن عفان المثل حين واجه فتنة المسلمين بتقديم نفسه وحياته درءا لهذة الفتنة وهو يقول قولته الشهيرة: من لى فى رقبته ييعة فيلزم داره.. خسرت جماعة الإخوان المسلمين الكثير حين كان يمكنها أن تصنع لنفسها تاريخا مشرفا فى حياة الشعب المصرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة