لا أرى سببا منطقيا فى الهجوم الذى يشنه البعض ضد الحكومة، لموقفها بتأجيل حل جمعية الإخوان، بعد صدور حكم بحلها يوم الاثنين الماضى.
موقف الحكومة يتمثل فى أنها ستنتظر حتى صدور أحكام قضائية نهائية، لأن الجماعة ستقوم بالطعن على الحكم، مما يعنى استمرارها فى جولة قضائية، قد تنتهى بتأييد حكم المحكمة الحالى، وقد ينتهى بإلغاء الحكم فتبقى الجمعية على وضعها الحالى.
انتظار الحكومة للانتهاء من الجولات القضائية، هو اختيار موفق، وليس معنى أن هذا الانتظار لا يعجب البعض، أن تتحول المسألة إلى اتهامات عنيفة مثل التى قالها الدكتور جمال زهران النائب البرلمانى السابق، بأن الدكتور أحمد البرعى وزير التضامن «طابور خامس»، وينتمى لجماعة الإخوان، ومن بقايا رجال الدكتور محمد البرادعى، ورغم التقدير الكامل لوطنية وثورية الدكتور جمال زهران، إلا أن ما ذكره من اتهامات لا يمكن الموافقة عليه.
نحن أمام مسألة مادام القضاء ينظرها، فليمض الشوط إلى آخره، حتى يكون القضاء هو الذى قال كلمة الفصل فيها، وتجنيب الحكومة للاتهامات السياسية التى ستكيلها الجماعة وأنصارها لها.
هناك بالطبع من يتهم الحكومة بأنها غير ثورية، لأنها لم تقدم من الأصل على خطوة الحل، وتركت الأمر إلى القضاء، وهذا اتهام أيضا غير مبرر، فإقدام الحكومة على مثل هذه الخطوة، كان سيعطى الجماعة وأنصارها فرصة إضافية للتشهير داخليا وخارجيا، أضف إلى ذلك أن الجماعة كانت ستلجأ حتما إلى القضاء للطعن على قرار الحكومة، وبالتالى فنحن أمام المسار الذى يختصر السكة على الجميع، حتى لو طال بعض الشىء.
مسار القضية كلها لابد من التعامل معه، إما أننا نريد دولة القانون، أو نريد دولة مثل التى كان يسعى مرسى إلى ضرب بنيانها القضائى والقانونى، ويريد تحويلها إلى ملكية خاصة لجماعة الإخوان، ولأن دولة القانون هى التى تحمى وتصون حقوق الناس، بتطبيقه بعدالة على الجميع، فعلينا أن نعمل على تضافر الجهود التى تحافظ على ذلك.
ترك قضية جمعية الإخوان إلى القضاء للتعامل معها وفقا لصحيح القانون هو خيار صحيح، سيترك آثاره الإيجابية، غير أن هذا يقودنا إلى قضية أهم وهى، هل بإجراءات الحظر وحدها سينتهى تأثير الجماعة؟
الإجابة على ذلك تأتى من دروس الماضى، فالحظر وحده لا يمنع الفكر حتى لو كان فكرا شيطانيا، وإنما الإجهاز عليه يأتى من وجود مشروع حقيقى للنهضة، ليس «نهضة الإخوان»، وإنما نهضة حقيقية فى ميادين السياسة والثقافة والاقتصاد والديمقراطية الحقيقية، ودائما أرى أن مشروع الإخوان فى الخمسينيات والستينيات لم يهزمه عبد الناصر بإجراءات أمنية، وإنما بمشروعه النهضوى الحقيقى الذى عمل من أجل الدولة الوطنية المستقلة، فجعل من مصر قبلة لدول العالم الثالث وشعوبها، وعمل من أجل الإسلام، قولا وفعلا، ولم يتاجر به كما تتاجر جماعة الإخوان، وانحاز مشروع عبد الناصر للفقراء والمعدمين الذين تتسرب إليهم الأفكار الظلامية فى حالة نسيان الدولة لهم، وعملها لصالح فئة قليلة، وهذا ما حدث فى حكم السادات ثم مبارك، ولهذا تعمل جماعة الإخوان وكل قوى الإرهاب على إبقاء حالة التخلف والفقر والجهل، لاستمرارهم فى تنفيذ مخططاتهم، هذا هو التحدى الكبير الذى يواجه مصر فى المرحلة المقبلة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة