سعيد الشحات

قطن الفلاح الذى يستغيث دون استجابة

الأحد، 02 نوفمبر 2014 06:21 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين يجلس فلاح أمام حقله حزينًا مكسورًا على ضياع محصوله، فهذا يعنى أن شيئًا خطيرًا يحدث، وحين يصرخ فلاح من إهمال الحكومة له بعد أن زرع وكد فى محصول القطن ثم وجد نفسه فى العراء، فهذا يعنى أنه لا حقيقة لكل ما يقال عن حماية الحكومة للفلاح، وحرصها عليه، وحين تنصرف القوى السياسية عن مثل هذه المشاكل

فهذا يعنى أنها ما زالت تدور فى الفراغ، فاهتمامها بالانتخابات البرلمانية ومحاربة الإرهاب صحيح، لكن الانصراف عما يعانيه الفلاح فى حياته يؤدى إلى تفريغ مثل هذه الاهتمامات من محتواها الحقيقى، قد يرى البعض أن انحياز الفلاح المصرى الطبيعى يكون للحكومة نتيجة عوامل حضارية متراكمة، لكن لا يمكن لأى قوى اجتماعية وطبقية أن تمنح رضاها لأحد على طول الخط.

تلقيت العديد من الاتصالات فى اليومين الماضيين من مزارعين يسألون: «لماذا لا تكتبوا عنا، لماذا تتركنا الصحافة؟»، ذكرتنى هذه الاتصالات بقناعة لدى وسائل إعلام وإعلاميين، بأن الحديث عن مشاكل الفلاحين «مبيكسبش»، وتحت هذه القناعة يتجاهل الإعلام الفلاحين، ويدير ظهره لمشاكلهم اليومية، ويعيش الفلاحون بشعور دائم بأن الكل يتخلى عنهم، حكومة، معارضة، إعلام، مثقفون.

الانحياز إلى الفلاحين هو انحياز لغالبية المصريين، وحين يشعرون وأبناؤهم بأن الطريق إلى المستقبل مسدود أمامهم، فلا تسألوا بعد ذلك عن الأسباب التى تجعل جماعة الإخوان فى استطاعتها التمدد بينهم.
السياسة الفاشلة هى التى تتجاهل الغالبية لصالح الأقلية، هى التى تتعامل مع الغالبية طبقًا لمثل «العدد فى الليمون»، وبهذا المنطق تبقى الوعود مجرد وعود، والشاهد على ذلك ما نجده الآن فى قضية محصول القطن الذى لم يعد «ذهب أبيض» كما علمونا ونحن فى مراحلنا الدراسية الأولى

كان لديهم حق وقتها، فالقطن طويل التيلة كنا نزرعه و نتباهى به أمام العالم، كانت مصر تحتل المرتبة الأولى فى جودته وإنتاجه، حين تحتل بلدك ترتيبا عالميا فى إنتاج ما، زراعة أو صناعة، فهذا يضمن لك تمايزا عالميا تستطيع تطويره والبناء عليه، اقترنت زراعة القطن فى مصر فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى بصناعة النسيج الذى تمايزت فيه مصر عالميًا، حتى كانت الضربة الكبرى ضد الصناعة الوطنية منذ السبعينيات، فلم يعد هناك صناعة نسيج، وتراجعت مساحات زراعة القطن بدرجة كادت أن يختفى معها هذا المحصول الذى راهن عليه محمد على باشا، وجمال عبدالناصر.

هناك من امتلك الشجاعة، وصدق وعود الحكومة، فأقدم على زراعة القطن لينفق مبالغ باهظة منذ إعداد أرضه أملا فى مقابل يعد الأرض لمحصول آخر، ويسد حاجة المعيشة، لكن تبخر كل ذلك، فالمحصول الذى تم جمعه متكدسا الآن فى المنازل، وأمام احتياج الفلاح سيضطر إلى بيعه بثمن بخس لكبار التجار الذين سيقومون بتخزينه، وبيعه فيما بعد.

فدان القطن الواحد، كما قال لى فلاح فى شكواه، يتكلف نحو 4 آلاف جنيه، ويعرض التجار لشراء القنطار بـ700 جنيه الآن، فى حين أن تكلفة القنطار تصل إلى أكثر من 600 جنيه، فهل يعقل فى أعظم الأحوال أن يربح الفلاح بضع عشرات من الجنيهات فى محصول يبقى فى الأرض معظم شهور السنة؟








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة