د.عثمان فكرى

لغة الإعلام .. والمسئولية الاجتماعية

الأحد، 30 مارس 2014 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع مرور أيام قليلة على إعلان المشير عبد الفتاح السيسى عزمه الترشح فى انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة، بدأت حملات تشويه منظمة تأخذ طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعى أولا، ومنها إلى وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة ثانيا.. لا نناقش هنا الهدف من هذه الحملات أو من ورائها، ولكننا نناقش لغة هذه الحملات والتى بدأت بلوجو "انتخبوا ......."، والذى حمل كلمة هى فى عرف المجتمع المصرى كلمة بذيئة، لا يمكن أن يتحدث بها الإنسان فى جماعة من الناس، فما بالنا بوسائل إعلام تخاطب ملايين من البشر.

لقد انتشر اللوجو ومعه هذه الكلمة كالنار فى الهشيم بعد ساعات قليلة، وصارت لها صفحات باسمها على مواقع التواصل الاجتماعى، وفى كل ثانية ترتفع أعداد المعجبين بهذه الصفحات أضعافا مضاعفة.. وشهدنا نشرات أخبار فى قنوات عربية تفصح بالكلمة دون تردد أو مواربة فى تقاريرها الإخبارية.. وكتبتها صحف أجنبية شهيرة.. وقريبا قد نراها فى بعض إعلامنا المصرى الباحث عن الاثارة أيا كان مصدرها ونتائجها .. والسؤال الذى بات ملحا هنا هو: هل أصبحنا كمتلقين ودارسين ومهنيين أمام لغة جديدة فى عالم الإعلام؟ وهل صارت وسائل الإعلام وهى تلهث وراء الأخبار لا تعى دورها ومسئوليتها الاجتماعية؟ أم أن هذه المسئولية أضحت من أساطير العمل الإعلامى فى هذا الزمان، ولم يعد لها مكان سوى فى كتب ومراجع الأكاديميين، مثلها فى ذلك مثل أساطير الحيادية والموضوعية فى الأداء المهنى؟

الفارق كبير بين مواقع التواصل الاجتماعى، ووسائل الإعلام فى كل شىء تقريبا، فالأولى تمنح الأفراد حق التعبير عن آرائهم بحرية كاملة وبدون رقابة، وفى المقابل توفر كافة الإجراءات التى تحمى المتضرر من هذه الحرية كأن يلغى اشتراكه أو إعجابه بصفحة أو مجموعة ما، أو أن يحذف شخصا من قائمة أصدقائه، أو يحذف منشورا من على صفحته يراه مسيئا أو غير لائق، وعلى الجانب الآخر فإن هذه المواقع أقل فى حجم الشعبية والجماهيرية، والمصداقية أيضا، فضلا عن غياب مفهوم المسئولية الاجتماعية عن أدائها نظرا لخضوعها فى الغالب الأعم لرؤى وأفكار وتوجهات أشخاص وليس مؤسسات أو جهات يمكن محاسبتها اجتماعيا، ومن ثم فإن وسائل الإعلام بجماهيريتها العريضة، ومستوى تأثيرها الذى بدأ يعود قويا ونافذا على قطاع كبير من المصريين البسطاء، ومسئوليتها الاجتماعية والاخلاقية تجاه جمهورها، ليس مقبولا منها أن تسير، وهى مغمضة العينيين، وراء ما تقدمه صفحات الفيس بوك وتويتر.. من المعلوم أن هذه الصفحات باتت مصادر أخبار مهمة فى كثير من الأحيان، وأن أصحابها من الشخصيات العامة والسياسيين والمثقفين والإعلاميين وغيرهم باتوا على يقين من ذلك، فصاروا يدونون، ويغردون، ويكتبون آراءهم وتعليقاتهم على كثير من الأحداث اليومية على صفحاتهم الشخصية، والتى تأخذ بدورها طريقها فى سهولة ويسر نحو وسائل الإعلام الأكثر انتشارا وجماهيرية وتأثيرا.. غير أن ذلك لا يعنى بأى حال من الأحوال أن تأخذ وسائل الإعلام كل ما هو جديد على هذه الصفحات، وبنفس مفرداته، مهما بدت غريبة وشاذة.

ظاهرة تخطى وسائل الإعلام الخطوط الحمراء فى اللغة والمفردات المستخدمة تحتاج إلى تأصيل علمى للوقوف على بدايتها الفعلية وأسبابها، خاصة أنها فى طريقها إلى الانتشار والشيوع، وما نراه أسبوعيا فى برنامج باسم يوسف لهو أكبر دليل على ذلك.

قد تنقسم الآراء هنا بين من يرى أن وسائل الإعلام هى جزء أصيل من المجتمع، ولا يجب أن تنعزل عنه ثقافيا أو اجتماعيا، كما هو الحال سياسيا، وأصحاب هذا الرأى يؤكدون على أن لغة الإعلام لا يجب أن تبتعد كثيرا عن اللغة السائدة فى المجتمع وخاصة بين الشباب وهم الشريحة الأكبر بين جمهور وسائل الإعلام، وأن فعلت فقد خسرت هذا الجمهور.. وفى المقابل هناك من ينظر إلى المسئولية الاجتماعية والأخلاقية كإطار حاكم لعمل هذه الوسائل، وبدونه لا يمكن الحديث عن أهمية ودور الوسائل فى تشكيل وعى المتلقين، وتثقيفهم وإرشادهم وغيرها الكثير من أدوار وسائل الإعلام .

بين هذين التوجهين أرى أنه من الواجب أن يفتح نقاش موسع يشارك فيه كل المهتمين بالعمل الإعلامى من أكاديميين ومهنيين وأصحاب رؤوس أموال وجمهور للوصول إلى أرضية ثابتة ومشتركة بين الجميع تحافظ على قيم وثوابت المجتمع من ناحية، وتضمن تواصلا فعالا مع الجمهور من ناحية أخرى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة